الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 448 - 449 ] وحمل طعام لبلد بنصفه ، إلا أن يقبضه الآن ، [ ص: 450 ] وكإن خطته اليوم بكذا ، وإلا فبكذا ، [ ص: 451 ] واعمل على دابتي فما حصل : فلك نصفه ، وهو للعامل ، وعليه أجرتها . [ ص: 452 ] عكس لتكريها ، [ ص: 453 ] وكبيعه نصفا : بأن يبيع نصفا ، إلا في البلد ، إن آجلا ولم يكن الثمن مثليا .

التالي السابق


( و ) فسدت إجارة على ( حمل طعام ) من بلد ( لبلد ) معينين ( بنصفه ) أي الطعام مثلا لأنه بيع معين يتأخر قبضه في كل حال ( إلا ) بشرط ( أن يقبضه ) أي المكري الطعام ( الآن ) أي وقت عقد الكراء فيجوز لانتفاء المانع المذكور . فيها لو قلت احمل طعامي إلى موضع كذا ولك نصفه فلا يجوز إلا إن تنقده الآن مكانك وإن أخرته إلى الموضع الذي يحمله إليه فلا يجوز لأنه شيء بيعه بيع على أن يتأخر قبضه إلى أجل . ابن يونس إذا وقع الأمر مبهما فهو فاسد على قول ابن القاسم ، وجائز على مذهب أشهب وابن حبيب . ابن القاسم إن أجرت رجلا على حمل طعام بينكما إلى بلد يبيعه به على أن عليك كراء حصتك وسميتما ذلك ، فإن شرطت أن لا يميز حصته منه قبل الوصول إلى البلد فلا يجوز ، وإن كان على أنه متى شاء قبل أن يصل أو يخرج جاز إن كان ضرب للمبيع أجلا ، أراد بعد وصول البلد ولا ينقده أجرة البيع ، وكذلك إن واجرته على طحينه ، فإن كان إذا شاء أفرد طحن حصته جاز ، وإن كان على أن لا يطحنه إلا مجتمعا فلا يجوز ، وكذلك إن واجرته على رعاية غنم بينكما جاز ولزمته الإجارة إذا كان له أن يقاسمك حصته ويبيعها متى شاء وضربت للرعاية أجلا إن شرطت خلف ما يهلك من حصتك . وإن وقعت الإجارة على حمل الطعام لبلد بنصفه وحمله إليه فقال ابن أخي ابن هشام للجمال نصفه وعليه مثله في الموضع الذي حمله منه ، وله كراء حمل النصف الآخر . ابن يونس عابه بعض شيوخنا قائلا يلزمه ضمان نصف الطعام إذا هلك لأنه لزم ذمته بقبضه وهذا بعيد لأن فساد المعاملة منع المكاري من قبض حصته إلى وصوله للبلد [ ص: 450 ] المحمول إليه ، فكيف يضمنه إذا هلك قبله وهو لا يصير له إلا بعد وصوله ، وإنما يكون الطعام كله لربه وعليه أجرة حمله كله .

ابن يونس هذا هو الصواب كما في مسألة دبغ الجلود ونسج الثوب على أنه له نصفه إذا فرغ فعمل على ذلك فله أجر عمله ، والثوب والجلود لربها ، فكذا هذا . أبو الحسن الظاهر أن قول ابن أخي ابن هشام هو ظاهر قولها لأنه شيء بعينه بيع على أن يتأخر قبضه ، فإن أفاته الجمال بعد وصوله للبلد المحمول إليه فعليه مثله فيه ، وله جميع الكراء ، والله أعلم . وعطف على المشبه في الفساد مشبها آخر فيه فقال ( وك ) إجارته على خياطة ثوب قائلا ( إن خطته ) أي الثوب ( اليوم ) مثلا فهي ( بكذا ) كدرهم ( وإلا ) أي وإن لم تخطه اليوم ( ف ) خياطته ( بكذا ) أي أجرة أقل كنصف درهم . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إن نزل فله أجر مثله زاد أو نقص . فيها لابن القاسم إن أجرت رجلا يخيط لك ثوبا على أنه إن خاطه اليوم فبدرهم ، وإن خاطه غدا فبنصف درهم فلا يجوز عند الإمام مالك رضي الله تعالى عنه لأنه آجر نفسه بما لا يعرف . ابن المواز قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه من أجر من يبلغ له كتابا إلى ذي المروة ، ثم قال بعد صحة الإجارة وإن بلغته في يومين فلك زيادة كذا ، فكرهه واستخفه في الخياطة بعد العقد . ابن عبد الحكم إجازته أحب إلينا وبها أخذ سحنون . وفيها إن أجرت رجلا يخيط ثوبا إن خاطه اليوم فبدرهم ، وإن خاطه غدا فبنصف درهم أو قلت له إن خطته خياطة رومية فبدرهم ، وإن خطته خياطة عجمية فبنصف درهم فلا يجوز وهو من وجه بيعتان في بيعة ، فإن خاطه فله أجر مثله ، زاد على التسمية أو نقص . قال غيره في الأولى إلا أن يزيد على الدرهم أو ينقص عن نصفه فلا يزاد ولا ينقص . أبو الحسن ويعتبر في التقوم التعجيل والتأخير بأن يقال كم قيمة خياطة مثل هذا الثوب اليوم ، وكم قيمة خياطته إلى غد ، ونحوه لابن يونس . سحنون وقول ابن القاسم أحسن . [ ص: 451 ] فرعان )

الأول : إذا استأجره على خياطة ثوب بدرهم ، ثم قال له عجل في اليوم وأزيدك نصف درهم ، فإن كان على يقين من أن يمكنه تعجيله فهو جائز ، وإن كان لا يدري إذا أجهد نفسه هل يتمه في اليوم أم لا ، فكرهه الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ، ومثله استئجار رسول على تبليغ كتاب لبلد كذا ، ثم زيادته على أن يسرع السير فيبلغه في يوم كذا يفصل فيه ، هذا الذي ارتضاه ابن رشد ، ونصه سئل الإمام مالك رضي الله تعالى عنه عن الرجل يستخيط الثوب بدرهم ثم يقول له بعد ذلك عجله إلى اليوم ولك نصف درهم ، فقال رضي الله تعالى عنه لا أرى به بأسا وأرجو أن يكون خفيفا ، ولم يره كالرسول يزاد لسرعة السير . ابن رشد أما الذي يستخيط الثوب بأجر مسمى ثم يزيده بعد ذلك على أن يعجل له فلا إشكال في جوازه لأن تعجيله ممكن له ، ولا ينبغي أن يتعمد تأخيره ومطله إضرارا به لغير سبب ، وله أن يتسع في عمله ويؤخره في عمل غيره قبله ، أو للاشتغال بما يحتاج إليه من حوائجه على ما جرى عرف الصناع في التراخي في أعمالهم ، فإذا زاده على أن يتفرغ له ويعجله جاز لأنه أخذ ما زاده على فعل ما يقدر عليه ولا يلزمه . ا هـ . ونقله ابن عرفة وبعضه في التوضيح .

الثاني : في أول سماع ابن القاسم مالكا رضي الله تعالى عنهما من الإجارة من استأجر غلمانا يخيطون الثياب كل شهر بشيء مسمى فلا يجوز له أن يطرح على أحدهم ثيابا على أنه إن فرغ منها في يومها فله بقية يومه ، وإن لم يفرغ منها فيه فعليه يوم آخر لا يحسب له من شهره إن كان ذلك كثيرا لكثرة الغرر فيه ، وإن كان يسيرا خف ذلك .

( و ) كقوله ( اعمل ) بكسر الهمز وفتح الميم ( على دابتي ) باحتطاب أو احتشاش أو سقي ماء وبيعه أو بتحميلها بأجرة ( فما حصل ) من ثمن أو أجرة ( فلك نصفه ) ففاسد للغرر ( و ) إن نزل ف ( هو ) أي الحاصل ( للعامل وعليه ) أي العامل ( كراؤها ) [ ص: 452 ] أي الدابة وذلك ( عكس ) حكم خذ دابتي ( لتكريها ) أي الدابة ولك نصف كرائها ، وهو أن ما حصل لربها وعليه أجرة العامل . فيها وإن دفعت إليه دابة أو إبلا أو دارا أو سفينة أو حماما على أن يكري ذلك وله نصف الكراء فلا يجوز ، فإن نزل كان لك جميع الكراء وله أجر مثله كما لو قلت له بع سلعتي فما بعتها به من شيء فهو بيني وبينك ، أو قلت له فما زاد على مائة فبيننا فذلك لا يجوز ، والثمن لك وله أجر مثله . ابن يونس ساوى بين الدواب والدور والسفن إذا قال اكرها ولك نصف الكراء أن الكراء لربها وعليه إجارة المثل للرجل وهو أصوب ، ولو أعطيته الدابة أو السفينة أو الإبل ليعمل عليها فما أصاب بينكما فلا يجوز ذلك ، فإن عمل عليها فالكسب هاهنا للعامل ، وعليه كراء المثل في ذلك ما بلغ ، وكأنه اكترى ذلك كراء فاسدا والأول آجر نفسه منك فاسدة فافترقا . " غ " ، قوله فما حصل فلك نصفه ، أي من ثمن أو أجرة بدلالة قوله بعد وجاز بنصف ما يحتطب عليها .

( تنبيهات )

الأول : لا فرق في ذلك بين الدابة والسفينة قاله في المدونة ، وكذلك في العكس ، وزاد في المدونة معها فيه الحمام والدار وسكت في الأصل عن الدار والحمام فقال عياض لأن ما لا يذهب به ولا عمل فيه لمتوليه كالرباع فهو فيها أجير والكسب لربها ، ويستوي فيها اعمل وأجر ، نقله أبو الحسن ، وقبله اللخمي . قوله في السفينة اكرها واعمل عليها سواء إن كان فيها قومة ربها لأنه إنما يتولى العقد فغلتها لربها وله أجر مثله ، ولو سافر فيها بمتاعه فالربح له ولربها الإجارة والحمام ، والفرن إن لم يكن فيهما دواب ولا آلة كان ما يؤاجر به العامل وعليه أجرة المثل . وإن كانا بدوابهما ويشتري الحطب من عند ربها أو من غلتها فما أصاب فلربها وللعامل أجرة مثله ، وإنما هو قيم فيهما ، وكذا الفندق ما أكرى به مساكنه لربه وللقيم أجرته .

الثاني : لا فرق إذا قال أعمل على دابتي أو في سفينتي أو إبلي بين أن يقول لي أو [ ص: 453 ] لا يقولها على ظاهر رواية الأكثرين ، وصريح رواية الدباغ . وفي الجلاب إذا قال اعمل لي كان الكسب كله لرب الدابة . عياض والصواب الأول ، فلا فرق بين أن يقول لي أو لا يقولها ، إذ هو المقصود نقله أبو الحسن .

الثالث : إذا أصيب ما عمل عليها قبل بيعه فهو من العامل نقله أبو الحسن .

الرابع : إذا قال اعمل على دابتي فعمل ولم يحصل شيئا فقال الصقلي عليه الكراء لأنه في ذمته . ولابن حبيب إن عرف أنه عاقه عائق فلا شيء عليه إن لم يكرها بشيء مضمون عليه .

الخامس : لو قال اكرها فعمل عليها فالكسب للعامل ولربها كراء مثلها ، وإن قال اعمل عليها فأكراها فقال ابن القاسم ما أكريت به للأجير ولربها أجرة مثلها . وفي كتاب الشفعة ما أكريت به لربها لأن ضمانها منه . وعطف على المشبه في الفساد مشبها آخر فيه فقال ( وكبيعه ) أي المالك شيئا كاملا ومفعول بيع المضاف لفاعله ( نصفا ) منه وصلة بيع ( بأن يبيع ) أي المشتري ( نصفا ) ثانيا من ذلك الشيء فثمن النصف الأول بيع النصف الثاني فهي فاسدة على المشهور . أبو إسحاق لأنه اشترى شيئا بعينه لا يقبضه إلا إلى أجل بعيد وهو بلوغه البلد الآخر الذي يبيع فيه في كل حال ( إلا ) أن يكون محل البيع ( بالبلد ) الذي هما به فيجوز . ولابن لبابة غير البلد كالبلد ( إن أجلا ) بفتحات مثقلا ، أي جعل العاقدان للبيع أجلا معلوما ليخرجا عن البيع والجعل ، فإن جمعهما ممتنع والإجارة الجائز اجتماعهما ( ولم يكن الثمن ) أي المبيع وهو النصف الأول ( مثليا ) مكيلا أو موزونا أو معدودا ، فإن كان مثليا فسدت للتردد بين السلف والثمن .

سحنون لأنه قبض أجرته وهي طعام لا يعرف بعينه ، وقد يبيع في نصف الأجل فيرد نصف الأجرة فتصير إجارة وسلفا . فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه من باع من رجل نصف ثوب أو نصف دابة أو [ ص: 454 ] غيرهما على أن يبيع له النصف الآخر بالبلد جاز إن ضرب لبيع ذلك أجلا ما خلا الطعام ، فإنه لا يجوز . سحنون لأنه قبض إجارته وهي طعام لا يعرف بعينه ، وقد يبيع في نصف الأجل فيرد حصة ذلك فتصير إجارة وسلفا ، أراد وكذلك كل ما لا يعرف بعينه ، وأجازه في كتاب محمد . قال ابن المواز إن لم يضرب لبيعه أجلا لم يجز شرط بيعه في البلد أو في غيره ، وقد ذكر عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه أنه إذا باعه نصف الثوب على أن يبيع له النصف الآخر أنه لا خير فيه . تت ظاهر قول ابن الحاجب لو باع له نصف سلعة على أن يبيع له نصفها أو بأن يبيع له نصفها فثالثها إن عين أجلا جاز ، ورابعها عكسه ، أنه لا فرق بين بيعها بالبلد أو بغيره ، كما قال ابن لبابة .

والجواز في المدونة مقيد بكونه في البلد كما فعل المصنف ، غير أن مسألة المدونة هي الأولى من صورتي ابن الحاجب ، ثم قال وتلخص من كلامه أن للجواز ثلاثة شروط كون البيع بالبلد وكونه لأجل ، وكون المبيع غير مثلي وعلمت أن ابن الحاجب ذكر صورتين ، وأن المصنف اقتصر على ثانيتهما ، وفرق بينهما في توضيحه بأن التي اقتصر عليها هنا النصف فيها مجموع الثمن ، أي لبيع النصف الآخر ، بخلاف الأخرى ، فإن بيع النصف بعض الثمن كقولك أبيعك النصف بدينار على أن تبيع النصف الآخر ا هـ . ورأى ابن الحاجب أن هذا الفرق لا يفترق الحكم معه فسوى بينهما ، وربما أشعر بهذا استثناء المصنف من المسألة التي اقتصر عليها لأن الاستثناء في المدونة إنما هو من الأخرى ، ودعوى البساطي تعسف المصنف غير ظاهر ، وقوله إن التي اقتصر المصنف عليها وقرر كلامه عليها اعترضها ابن عرفة بأنها دون الأجل مجرد جعل ، وبه إجارة فلا مانع من الجواز غير ظاهر أيضا لأن ابن عرفة إنما تعقب على ابن هارون وابن عبد السلام نقل ابن الحاجب القول بالفساد مطلقا في هذه الصورة بأنه غير صواب ، لأنه دون أجل مجرد جعل وبه إجارة ، وكلاهما جائز ا هـ ، ونص ابن عرفة في جواز بيع [ ص: 455 ] نصف ثوب أو دابة على أن يبيع مشتريه باقيه لبائعه .

ثالثها إن ضرب لبائعه أجلا . ورابعها إن ضربه كره وإلا جاز . لعياض عن ابن لبابة مع الموطإ والصقلي عن محمد مع إحدى روايتيها والمشهور منهما واللخمي عن رواية مختصر ما ليس في المختصر مع قول ابن زرقون نحوه ، روى أشهب فيما ذكر فضل ولعياض عن محمد لو كان فيما ينقسم مما يعرف بعينه ويأخذ نصيبه متى شاء جاز إن ضرب الأجل وهو قول بعض الرواة عن مالك . فيها قال ابن لبابة كان على وجه الجعل أو الإجارة ، كذا نقل عنه عياض ، ونقله الصقلي عنه لا بقيد مما يعرف بعينه ، وتعقبه بأنه يدخل فيه المكيل والموزون وكل ما لا يعرف بعينه . وفي الموطإ ما نصه من ابتاع سلعة فقال له رجل أشركني بنصفها وأنا أبيعها لك جميعا فلا يجوز ، وقبل عياض قول ابن لبابة في قول مالك في الموطإ بيع نصف سلعة على أن يبيع له النصف الآخر حلال أحسبه يريد ضرب أجلا أم لا في بلده أو غيره ، وله من الأجل إن لم يضرب قدر ما ابتاع إليه . وسمع القرينان من أشرك في لؤلؤ اشتراه قوما على أن يبيعه لهم ولو بار وذهب الذي كان يريد بيعه إليه فلا أرى ذلك عليه ، ويدفع لهم الذي لهم بمقاسمته إياهم .

ابن رشد ظاهره جوازه وإن لم يضرب لبيعه أجلا وهو فاسد لأنه جعل وبيع ، ووجه هذه الرواية أنه رأى فيها أن ما يباع له اللؤلؤ معروف بالعادة فهو كالأجل المضروب ، وهذا بين من قوله لو بار اللؤلؤ وذهب الذي كان يراد بيعه إليه يريد ويستوجب البائع كل الثمن ولو باعه في نصف الأجل لرجع المبتاعون بمنابه من الثمن . ويقتضي كلام ابن رشد عدم وجود القول الأول . وقال ابن الحاجب لو باعه نصف سلعة على أن يبيع له نصفها ، أو بأن يبيع له نصفها ، ثالثها إن عين أجلا جاز ، ورابعها عكسه فلم يعز ابن هارون القول الرابع واستبعده ، وكذا ابن عبد السلام ، وزاد ويقرب منه ما في مختصر ما ليس في المختصر . قلت الأظهر أنه هو ، ولذا لم يذكره ابن الحاجب . [ ص: 456 ] واشتهر عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه وغيره إطلاق لفظ المكروه على المحرم قاله في جامع العتبية وغيره ، وقبولهما نقله القول بالفساد في بيع نصف سلعة بأن يبيع له نصفها غير صواب لأنه دون أجل مجرد جعل ، وبالأجل إجارة وكلاهما جائز .

وظاهر كلام ابن الحاجب أنه لا فرق بين كون بيعه بالبلد أو بغيره ، والجواز في المدونة مقيد بكونه في البلد . وتقدم لابن كنانة غير البلد كالبلد ا هـ . طفي والعجب من المصنف كيف ذكر الفرض المتعقب مقتصرا عليه ، وترك الفرض السالم من التعقب الذي هو فرض المدونة مع ذكر ذلك في توضيحه . وأعجب منه تقرير تت له على ظاهره ، وتعليله باجتماع الجعل والبيع ، وقد تكلف من جعل الباء بمعنى على .

( تنبيهات )

الأول : علم أن الثمن في كلام المصنف بمعنى المثمن وهو النصف المبيع ، وبه عبر الخرشي أولا فقال الثالث أن لا يكون المبيع مثليا ، ثم قال وقال أحمد أي ثمن العمل الذي هو السمسرة على بيع النصف الآخر مثليا ، وحينئذ فهو مساو للتعبير بالمثمن أو بالمبيع ، وبعبارة الثمن هو بعض السلعة المعقود عليها ، أي وإذا كان النصف مثليا تضمن ذلك كونها كلها مثلية ، وقال طفي المراد بالثمن المثمن ا هـ .

الثاني : الشيخ أبو الحسن معنى قوله ببلد آخر ، أي لا يجوز تأخير المعين إلى مثله ، وينبغي إذا كان قريبا جدا أن يجوز لأنه كالبلد الواحد .

الثالث : اشترط الأجل ليكون إجارة وهي تجامع البيع ، وإذا لم يؤجل كان جعلا وهو لا يجامع البيع .

الرابع : اشترط كون المبيع غير مثلي لئلا يكون تارة سلفا إن باع في نصف الأجل مثلا ، ورد ما زاد على ما يخص بيعه في نصفه ، وتارة ثمنا إن باع في آخره أو بعده .




الخدمات العلمية