الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو جنى كل ، أو أخذ شيئا فكأجنبي

التالي السابق


( أو جنى كل ) من رب المال أو العامل على مال القراض فأتلف بعضه أو جميعه عطف على نهاه ، وفي بعض النسخ ولو جنى كل . " غ " وهو مطابق لفظ ابن الحاجب والخطب سهل ( أو أخذ ) أحدهما ( شيئا ) من مال القراض ( ف ) الجاني أو الآخذ ( كأجنبي ) [ ص: 352 ] جنى على مال القراض أو أخذ شيئا منه في الاتباع بعوض ما جنى عليه ، أو أخذه بلا غرم ربحه على فرض التجربة ، فهو مشارك المعطوف عليه في الإخراج من كون الربح لهما . ابن الحاجب لو جنى العامل أو رب المال على المال جناية أو أخذ شيئا كان عليهما كأجنبي والباقي على القراض حتى يتفاصلا . ابن عبد السلام أراد أن ما جناه العامل أو رب المال وفي المال ربح لا يعد ربحا وما بقي بيد العامل رأس المال لأن المفاصلة في الربح إنما تكون بعد قبض رأس المال ، فإذا كان كذلك أخذ أحدهما كأخذ الأجنبي له يجب رده إلى المال كما يرد ذلك من يد الأجنبي . ا هـ .

طفي ولا فرق بين كون الأخذ قبل شغل المال أو بعده . قال في المدونة وليس ما استهلك العامل منه مثل ما ذهب أو خسر لأن ما استهلك قد ضمنه ولا حصة لذلك من الربح .

أبو الحسن في الأمهات وما بقي بيد العامل يعمل به هو الذي على القراض ، وليس ما تسلف منه على القراض . الشيخ أشار إلى أنه لا يحاسب بقدر ما كان يربح فيما تسلف ثم قال بعد قولها ولا حصة لذلك من الربح إلا أنه تمام رأس المال وإن تسلف العامل نصف المال أو أكله فالنصف الباقي رأس المال ، وربحه على ما شرطا ، وعلى العامل غرم النصف فقط ولا ربح له ، وإن أخذ مائة قراضا فربح فيها مائة ثم أكل مائة منهما وتجر في المائة الباقية فربح مالا فمائة في ضمانه ، وما ربح أولا وآخرا بينهما على ما شرطا . ولو ضاع ذلك ولم تبق إلا المائة التي في ذمته ضمنها لرب المال ولا تعد ربحا إذ لا ربح إلا بعد رأس المال . وإن اشترى بالقراض وهو مائة دينار عبدا يساوي مائتين فجنى عليه رب المال فنقصته مائة وخمسين ثم باعه العامل بخمسين فعمل فيها فربح مالا أو وضع لم يكن ذلك من رب المال قبضا لرأس ماله وربحه حتى يحاسبه ويفاصله ويحسبه عليه ، فإذا لم يفعل فذلك دين على رب المال مضاف إلى هذا المال . ا هـ كلامها ، وقد نقله كله في الجواهر وابن عبد السلام ، ونقل بعضه في توضيحه .

فقول عج هذا الجناية يضاف لما بقي وربحه ، ويجعل الربح الحاصل في الباقي له [ ص: 353 ] خاصة ، ثم ذكر مسألة العبد ، وقال فإذا باعه بخمسين ، وأبحر فيها فأصبحت مائة وخمسين فإنه يحسب على رب المال ما نقصته جنايته ، ولا يكون له ربح فيأخذ العامل في الفرض المذكور مائة من المائة والخمسين ، ويدفع لرب المال خمسين فيكون رب المال أخذ ماله ، وهي مائة وحصته من الربح وهي مائة وأخذ العامل حصته ، فلو كانت جناية رب المال بعد شغل المال كجناية الأجنبي ما كان لرب المال شيء من الخمسين وربحها لأن جناية رب المال قد استوفت رأس ماله وحصته من الربح غير ظاهر ، بل إذا تأملته وجدته تهافتا ، وقول بعضهم إن كانت الجناية قبل العمل يكون الباقي رأس مال ، وأما بعده فرأس المال على أصله لأن الربح يجبره ولا يجبره إذا حصل ذلك قبله خطأ فاحش ، والله أعلم .

البناني وهو ظاهر إذ الربح لا يجبر الأخذ ولا الجناية لا قبل شغل المال ولا بعده . العدوي حاصل الفقه أنه لا جبر سواء كان قبل العمل أو بعده ، وتنزل جناية العامل أو أخذه أو جناية رب المال أو أخذه منزلة جناية الأجنبي أو أخذه ، ومعلوم أنه لو جنى أجنبي فيؤخذ منه أرش الجناية ويضم لما بقي من المال وربحه ويعطي رب المال رأس ماله وما يخصه من الربح ، ويعطي العامل ما يخصه من الربح فكذا لو جنى أو أخذ رب المال أو العامل ، فإن أعطاه مائة فاشترى بها عبدا يساوي مائتين فقطع يده رب المال فنقصت قيمته مائة وخمسين وباعه العامل بخمسين واتجر بها ، فصارت مائة وخمسين ، فتضم للمائة والخمسين التي لزمت رب المال بجنايته فيصير المجموع ثلاثمائة منها مائة رأس المال والمائتان ربح لرب المال مائة ، وللعامل مائة ، فيحسب على رب المال المائة والخمسون التي لزمت بها ، ويعطيه العامل خمسين تمام المائتين رأس ماله وحظه من الربح ويبقى للعامل مائة هي حصته منه والله أعلم .




الخدمات العلمية