الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 283 ] وقسم بالقلد : [ ص: 284 ] كسترة بينهما

التالي السابق


( وقسم ) بضم فكسر الماء المشترك ( بالقلد ) بكسر القاف وسكون اللام فدال مهملة ، أي القدر المملوءة ماء المثقوبة من أسفلها المتعلقة حتى يفرغ الماء الذي فيها ، وأصله الماء المجعول فيها ، ثم استعمل فيها لعلاقة الحالية ثم صار حقيقة ، وقد يتجوز به إلى آلة إيصال كل ذي حق حقه لعلاقة الخاصية . ابن حبيب تفسير قسمة الماء بالقلد إن تحاكموا فيه ، وأجمعوا على قسمه أن يأمر الإمام رجلين مأمونين أو يجتمع الورثة على الرضا بهما فيأخذان قدرا من فخار أو شبهه فيثقبان في أسفلها بمثقب يمسكانه عندهما ، ثم يعلقانها ويجعلان تحتها قصرية ويعدان الماء في جرار ، ثم إذا انصدع الفجر صبا الماء في القدر فيسيل الماء من الثقب فكلما هم الماء أن يفرغ صبا حتى يكون سيل الماء من الثقب معتدلا النهار كله والليل كله إلى انصداع الفجر فينحيانها ويقسمان ما اجتمع من الماء على مقام أقلهم سهما كيلا أو وزنا ، ثم يجعلان لكل وارث قدرا يحمل سهمه من الماء يثقبان كل قدر منها بالمثقب الذي ثقبا به القدر الأولى ، فإذا أراد أحدهم السقي علق قدره بمائه وصرف الماء كله إلى أرضه فيسقي ما سال الماء من قدره ، ثم كذلك بقيتهم ، ثم إن تشاحوا في التبدئة أسهموا . ابن يونس قوله ثم يجعل لكل واحد قدر يحمل سهمه إنما يصح ذلك إذا تساوت أنصباؤهم لأن القدر كلما كبرت ثقل الماء فيها وقوي جريه من الثقب حتى يكون مثلي ما يجري من الصغير أو أكثر ، والذي أرى أن يقسم الماء بقدر أقلهم سهما فيأخذ صاحب السهم قدرا ويأخذ صاحب عشرة الأسهم عشرة قدور وهذا بين . [ ص: 284 ]

وشبه في عدم الجبر فقال ( ك ) بناء ( سترة ) بضم السين المهملة وسكون الفوقية أي حائط ساتر ( بينهما ) سكتا عن شرط بنائه بينهما حين القسم ودعا أحدهما الآخر لبنائه فأبى فلا يجبر ، فإن شرطا الاشتراك في بنائه حينه جبر الآبي على بنائه مع الداعي " ق " . من المجموعة قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الجدار بين الرجلين يسقط ، فإن كان لأحدهما فلا يجبر على بنائه ، ويقال للآخر استر على نفسك إن شئت ، وإن كان مشتركا بينهما أمر الآبي أن يبني مع صاحبه إن طلب ذلك . وفي المقدمات إذا اقتسم الشريكان الدار ولم يشترطا أن يقيما بينهما حاجزا فلا يحكم بذلك عليهما ، ويقال لمن دعي إلى ذلك استر على نفسك في حظك إن شئت ، وإن اشترطا ذلك ولم يحداه أخذ من نصيب كل واحد منهما نصف بناء الجدار ، وإن كان أحدهما أقل نصيبا من صاحبه ، وكذلك النفقة تكون عليهما بالسواء إلى أن يبلغ مبلغ الستر إذ لم يحدا فيه حدا ولا اختلاف في هذا أعلمه . ا هـ . وانتحله المتيطي ولم يزد عليه . وقال اللخمي الصواب أن يجعل كل واحد منهما تحجيزا يستتر به عن صاحبه ، ولا يجوز لهما الرضا بغير تحجيز لأن فيه كشفا لحريمهم في تصرفهم ، ودخول بعضهم على بعض . ا هـ . وأما الجدار بين الرجلين يسقط فحصل في بنائه أربعة أقوال ، وتكلم عليه ابن عرفة في باب الشركة قاله " غ " .




الخدمات العلمية