الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2334 [ ص: 231 ] ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إبراهيم بن الجراح، قال: ثنا أبو يوسف ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي قتادة الأنصاري ، عن أبيه قال: "أسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة من غزواته ونحن معه، فقال بعض القوم: لو عرست، فقال: إني أخاف أن تناموا عن الصلاة، قال بلال : أنا أوقظكم، فنزل القوم فاضطجعوا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته وألقي عليهم النوم، فاستيقظ القوم وقد طلع حاجب الشمس، فقال: أين ما قلت يا بلال ؟ قال: يا رسول الله - عليه السلام -، ما ثقلت علي نومة مثلها قط. قال رسول الله - عليه السلام -: إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها إليكم حيث شاء، فآذن الناس بالصلاة، فآذنهم فتوضئوا، فلما ارتفعت الشمس صلى رسول الله - عليه السلام - ركعتي الفجر، ثم صلى الفجر".

                                                حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا سعيد بن منصور ، قال: ثنا هشيم، قال: أنا حصين ... فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، عن النبي - عليه السلام - فذكر مثل حديثه عن روح الذي ذكرنا في أول هذا الباب غير أنه لم يذكر سؤالهم النبي- عليه السلام -.

                                                قال عبد الله : فسمعني عمران بن حصين وأنا أحدث هذا الحديث في المسجد الجامع، فقال: من الرجل؟ فقلت: عبد الله بن رباح الأنصاري. فقال: القوم أعلم بحديثهم، انظر كيف تحدث؟ فإني أحد السبعة تلك الليلة. فلما فرغت قال: ما كنت أحسب أن أحدا يحفظ هذا غيري.

                                                قال حماد: وحدثنا حميد الطويل ، عن بكر ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، عن النبي- عليه السلام - مثله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أخرج حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري فارس رسول الله - عليه السلام - من ثلاث طرق صحاح:

                                                الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن إبراهيم بن جراح مولى بني مازن، أحد أصحاب أبي حنيفة وأحد قضاة مصر، أثنى عليه يونس بن عبد الأعلى .

                                                [ ص: 232 ] عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري أكبر أصحاب أبي حنيفة ، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي روى له الجماعة، عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري روى له الجماعة، عن أبيه أبي قتادة .

                                                وأخرجه النسائي : أنا هناد بن السري ، قال: ثنا أبو زبيد -واسمه عبثر بن القاسم - عن حصين ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه قال: "كنا مع رسول الله - عليه السلام - إذ قال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله - عليه السلام -؟ قال: إني أخاف أن تناموا عن الصلاة. قال بلال : أنا أحفظكم، فاضطجعوا فناموا، وأسند بلال ظهره إلى راحلته، فاستيقظ رسول الله - عليه السلام - وقد طلع حاجب الشمس، فقال: يا بلال أين ما قلت؟ قال: ما ثقلت علي نومة مثلها قط. قال رسول الله - عليه السلام -: إن الله -عز وجل- قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء، قم يا بلال فآذن الناس بالصلاة، فقام بلال فأذن فتوضئوا -يعني: حين ارتفعت الشمس- ثم قام فصلى".

                                                وأخرجه مسلم بأتم منه.

                                                قوله: "ما ثقلت علي"، وفي رواية: "ما ألقيت علي" من الإلقاء.

                                                الثاني: عن صالح بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن منصور الخراساني ، عن هشيم بن بشير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه أبي قتادة .

                                                وأخرجه أبو داود : عن عمرو بن عون ، عن خالد ، عن حصين ، عن ابن أبي قتادة ، عن أبي قتادة نحوه.

                                                الثالث: عن علي بن شيبة بن الصلت ، عن يزيد بن هارون الواسطي ، عن [ ص: 233 ] حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري، روى له الجماعة سوى البخاري ، عن أبي قتادة .

                                                وأخرجه أحمد : ثنا يزيد بن هارون ، أنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة قال: "كنا مع رسول الله - عليه السلام - في سفر فقال: إنكم إن لا تدركوا الماء غدا تعطشوا. وانطلق الناس سراعا يريدون الماء، ولزمت رسول الله - عليه السلام - فمالت برسول الله - عليه السلام - راحلته، فنعس رسول الله - عليه السلام - فدعمته فادعم، ثم مال فدعمته فادعم ثم مال حتى كاد أن ينجفل عن راحلته، فدعمته فانتبه فقال: من الرجل؟ قلت: أبو قتادة . قال: منذ كم كان سيرك؟ قلت: منذ الليلة. قال: حفظك الله كما حفظت رسوله، ثم قال: لو عرسنا. فمال إلى شجرة، فنزل، فقال: انظر هل ترى أحدا؟ قلت: هذا راكب، هذان راكبان، حتى بلغ سبعة، فقال: احفظوا علينا صلاتنا، فنمنا، فما أيقظنا إلا حر الشمس، فانتبهنا، فركب رسول الله - عليه السلام - فسار وسرنا هنية، ثم نزل فقال: أمعكم ماء؟ قال: قلت: نعم، في ميضأة فيها شيء من ماء. قال: ائت بها. فأتيته بها، فقال: مسوا منها، مسوا منها. فتوضأ القوم وبقيت جرعة، فقال: لا تهرقها يا أبا قتادة ، فإنه سيكون لها نبأ. ثم أذن بلال ، فصلوا الركعتين قبل الفجر، ثم صلوا الفجر، ثم ركب وركبنا، فقال بعضهم لبعض: فرطنا في صلاتنا، فقال رسول الله - عليه السلام -: ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فإلي. قلنا: يا رسول الله، فرطنا في صلاتنا. قال: لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلوها ومن الغد وقتها، ثم قال: ظنوا بالقوم. قالوا: إنك قلت بالأمس: إن لا تدركوا الماء غدا فتعطشوا والناس بالماء، فلما أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم لبعض: إن رسول الله - عليه السلام - بالماء، وفي القوم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فقالا: يا أيها [ ص: 234 ] الناس، إن رسول الله - عليه السلام - لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم ; وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا قالها ثلاثا، فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول الله - عليه السلام -، فقالوا: يا رسول الله - عليه السلام -، هلكنا عطشا، انقطعت الأعناق. فقال: لا يهلك عليكم، ثم قال: يا أبا قتادة ، ائت بالميضأة فأتيته بها، فقال: أحلل لي غمري -يعني قدحه- فحللته، فأتيته به، فجعل يصب فيه ويسقي الناس، فازدحم الناس عليه، فقال رسول الله - عليه السلام - يا أيها الناس، أحسنوا الملء فكلكم سيصدر عن الري. فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله - عليه السلام -، فصب لي، فقال: اشرب يا أبا قتادة . قال: قلت: اشرب أنت يا رسول الله. فقال إن ساقي القوم آخرهم شربا. فشربت، وشرب بعدي، وبقي في الميضأة نحو مما كان فيها، وهم يومئذ ثلاثمائة".

                                                قال عبد الله : فسمعني عمران بن حصين وأنا أحدث هذا الحديث في المسجد الجامع، فقال: من الرجل؟ قلت: أنا عبد الله بن رباح الأنصاري. قال: القوم أعلم بحديثهم، انظر كيف تحدث ; فإني أحد السبعة تلك الليلة، فلما فرغت قال: ما كنت أحسب أن أحدا يحفظ هذا الحديث غيري.

                                                قال حماد: ونا حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، عن النبي- عليه السلام - مثله، وزاد: قال: كان رسول الله - عليه السلام - إذا عرس وعليه ليل توسد يمينه، وإذا عرس الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى وأقام ساعده".


                                                وأخرجه مسلم أيضا مطولا: عن شيبان بن فروخ ، عن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة قال: "خطبنا رسول الله - عليه السلام - فقال: إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدا. . . " الحديث.

                                                [ ص: 235 ] قوله: "فدعمته" أي أسندته.

                                                قوله: "فادعم" أي استند، وأصله: اتدعم، فأدغمت التاء في الدال.

                                                قوله: "حتى كاد أن ينجفل" أي ينقلب عنها ويسقط، يقال: ضربه فجفله أي ألقاه على الأرض.

                                                قوله: "ميضأة" بكسر الميم والقصر وقد يمد، وهي مطهرة كبيرة يتوضأ منها، ووزنها: مفعلة ومفعالة والميم زائدة.

                                                قوله: "نبأ" أي شأن عظيم.




                                                الخدمات العلمية