الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2191 ص: وقد روي مثل ذلك أيضا عن رسول الله - عليه السلام - في غير هذا الحديث.

                                                حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، قال: ثنا أبو الأشهب هوذة بن خليفة البكراوي، قال: ثنا ابن جريج ، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار: "أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد يسأله: ماذا سمع من معاوية في الصلاة يوم الجمعة؟ فقال: صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة، فلما فرغت قمت لأتطوع، فأخذ بثوبي فقال: لا تفعل حتى تقدم أو تكلم، فإن رسول الله - عليه السلام - كان يأمر بذلك".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ... فذكر بإسناده مثله.

                                                حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا عبيد الله بن المغيرة ، عن صفوان مولى عمرو ، عن أبي هريرة ، عن النبي - عليه السلام - قال: "لا تدابروا [ ص: 69 ] الصلاة المكتوبة بنافلة حتى يكون بينهما فاصل من تقدم إلى مكان آخر أو غير ذلك".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي مثل الحديث المذكور مما يدل على أنه ينبغي من الفصل بين الفرض والنفل الذي يصلى بعده، وأخرج ذلك عن اثنين من الصحابة وهما معاوية بن أبي سفيان ، وأبو هريرة - رضي الله عنهم -.

                                                أما حديث معاوية: فأخرجه من طريقين:

                                                أحدهما: عن أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي الحافظ شيخ أبي داود والطبراني أيضا، عن أبي الأشهب هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي البكراوي الأصم البصري، فعن يحيى: ضعيف. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. وروى له ابن ماجه .

                                                عن عبد الملك بن جريج المكي روى له الجماعة، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار -بضم الخاء المعجمة- المكي، وثقه يحيى وأبو زرعة وروى له مسلم وأبو داود ، عن نافع بن جبير بن مطعم المدني روى له الجماعة، عن السائب بن يزيد بن سعيد الأسدي له ولأبيه صحبة.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا عبد الرزاق وابن بكر، قالا: نا ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار: "أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، قال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة فلما سلم قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن نبي الله - عليه السلام - أمر بذلك".

                                                والطريق الآخر: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، عن عبد الملك بن جريج ، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار ... إلى آخره.

                                                [ ص: 70 ] وأخرجه الطبراني في "الكبير": قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج (ح).

                                                وحدثنا علي بن عبد العزيز، نا هوذة بن خليفة، نا ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار: "أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد يسأله عن شيء رآه منه معاوية ... " إلى آخره نحو رواية أحمد .

                                                قوله: "في المقصورة" أراد بها مقصورة الجامع.

                                                قوله: "حتى تقدم" بضم الميم، وأصله: تتقدم فحذفت إحدى التاءين للتخفيف، وكذلك قوله: "تكلم" أصله: تتكلم.

                                                قوله: "كان يأمر بذلك" أي بالفصل بين صلاة الجمعة وبين السنة التي بعدها، وذلك لئلا يظن الجاهل أنها من الفرض كما ذكرناه.

                                                وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن أسد بن موسى ، عن عبد الله بن لهيعة فيه مقال، عن عبد الله بن المغيرة بن معيقيب السبائي المصري، قال أبو حاتم: صدوق. روى له الترمذي وابن ماجه .

                                                عن صفوان مولى عمرو بن علي وثقه ابن حبان ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه أسد السنة في "مسنده".

                                                قوله: "لا تدابروا الصلاة المكتوبة بمثلها من التسبيح" أي لا تجعلوا دبر الصلاة المفروضة مثلها من صلاة التطوع، وأراد أنه لا يصلى عقيب الفرض مثله من التطوع في مقام واحد، وأراد بالتسبيح: صلاة النفل، من السبحة وهي النافلة.

                                                قوله: "فنهى رسول الله - عليه السلام -" أي: نهى رسول الله - عليه السلام - عن وصل الفرض بنافلة مثل الفرض حتى يكون بينهما فاصل إما بكلام أو تقدم إلى مكان آخر أو تأخر إلى ورائه، ونحو ذلك.

                                                [ ص: 71 ] وأخرج الحديثين المذكورين في المتابعات تأكيدا لمعنى حديث مالك بن بحينة، فافهم.




                                                الخدمات العلمية