الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2473 [ ص: 386 ] ص: فهذه الآثار التي رويناها عن رسول الله - عليه السلام - تدل على أن فرض المسافر ركعتان، وأنه في ركعتيه كالمقيم في أربعته، فكما ليس للمقيم أن يزيد في صلاته على أربعته شيئا فكذلك ليس للمسافر أن يزيد في صلاته على ركعتيه شيئا.

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذه الآثار إلى الأحاديث التي رواها عن عبد الله بن عباس ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة الصديقة، وأنس بن مالك القشيري وعمرو بن أمية الضمري على احتمال، فإن أحاديث هؤلاء تدل صريحا على أن فرض المسافر ركعتان، وأن الركعتين في حقه كالأربع في حق المقيم، فكما لا يجوز للمقيم أن يزيد على الأربع فكذلك لا يجوز للمسافر أن يزيد على الركعتين إلا تطوعا، فافهم، فإذا كان فرضه ركعتين ; تفسد صلاته بترك القعدة على رأس الركعتين، كما تفسد صلاة المقيم بتركه القعدة الأخيرة.

                                                فعلم من ذلك أن القصر عزيمة، والإكمال رخصة، وقد قال بعض أصحابنا: هذا التلقيب على أصلنا خطأ ; لأن الركعتين من ذوات الأربع في حق المسافر ليستا قصرا حقيقة عندنا، بل هما تمام فرض، والإكمال ليس برخصة في حقه بل هو إساءة ومخالفة للسنة.

                                                كذا روي عن أبي حنيفة أنه قال: من أتم الصلاة في السفر ; فقد أثم وأساء وخالف السنة ; وهذا لأن الرخصة اسم لما تغير عن الحكم الأصلي بعارض إلى تخفيف ويسر -ما عرف في الأصول- ولم يوجد معنى التغيير في حق المسافر رأسا ; إذ الصلاة في الأصل فرضت ركعتين في حق المسافر والمقيم جميعا، ثم زيدت في حق المقيم ركعتان وأقرت الركعتان على حالهما في حق المسافر كما كانتا في الأصل، فعدم معنى التغيير في حقه أصلا، وفي حق المقيم وجد التغيير لكن إلى الغلظ والشدة لا إلى السهولة واليسر، فلم يكن ذلك أيضا رخصة في حقه حقيقة، فإن سمي فإنما سمي مجازا لوجود بعض معاني الحقيقة، وهو التغيير.




                                                الخدمات العلمية