الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2351 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: يصلون خلفه قياما ولا يسقط عنهم فرض القيام لسقوطه عن إمامهم.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري ، وأبا حنيفة ، والشافعي ، وأبا ثور، وجمهور السلف ; فإنهم قالوا: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائما.

                                                وقال المرغيناني: الفرض والنفل سواء.

                                                وقال أبو عمر : قال جمهور أهل العلم: لا يجوز لأحد أن يصلي في شيء من الصلوات المكتوبات جالسا وهو صحيح قادر على القيام لا إماما ولا منفردا ولا خلف إمام، ثم اختلفوا، فمنهم من أجاز صلاة القائم خلف المريض ; لأن كلا يؤدي فرضه على قدر طاقته تأسيا برسول الله - عليه السلام - إذ صلى في مرضه الذي توفي فيه قاعدا وأبو بكر إلى جنبه قائما يصلي بصلاته والناس قيام خلفه، ولم يشر إلى أبي بكر - رضي الله عنه - ولا إليهم بالجلوس، وأكمل صلاته جالسا [ ص: 255 ] وهم خلفه قيام، وممن ذهب إلى هذا المذهب واحتج بهذه الحجة: الشافعي وداود بن علي وهي رواية الوليد بن مسلم ، عن مالك أنه أجاز للإمام المريض أن يصلي بالناس جالسا وهم قيام، قال: وأحب إلي أن يقوم إلى جنبه من يعلم الناس بصلاته.

                                                وهذه الرواية غريبة عن مالك ، ومذهبه عند أصحابه على خلاف ذلك، ذكره أبو المصعب في "مختصره" عن مالك ، قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا، فإن أمهم قاعدا فسدت صلاتهم وصلاته، فإن كان الإمام عليلا تمت صلاته وفسدت صلاة من خلفه. قال: ومن صلى قاعدا من غير علة أعاد الصلاة.

                                                قال أبو عمر : فعلى رواية أبي مصعب يجب عليهم الإعادة في الوقت وبعده.

                                                وقد روي عن مالك في هذا أنهم يعيدون في الوقت خاصة.

                                                وقال الحسن: إذا صلى الإمام المريض جالسا بقوم أصحاء ومرضى جلوسا فصلاته وصلاة من خلفه ممن لا يستطيع القيام جائزة، وصلاة من صلى خلفه ممن كان حكمه القيام باطلة.

                                                وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: صلاته وصلاتهم جائزة، وقالوا: لو صلى وهو يومئ بقوم يركعون ويسجدون لم يجزهم في قولهم جميعا، وأجزأت الإمام صلاته.

                                                وقال ابن القاسم : لا يأتم القائم بالجالس لا في فريضة ولا في نافلة، ولا بأس أن يأتم الجالس بالقائم.

                                                واختلف أصحاب مالك في إمامة المريض بالمرضى جلوسا، فأجازها بعضهم وكرهها أكثرهم.




                                                الخدمات العلمية