فالأول الخلف . والخلف : ما جاء بعد . ويقولون : هو خلف صدق من أبيه . وخلف سوء من أبيه . فإذا لم يذكروا صدقا ولا سوءا قالوا للجيد خلف وللردي خلف . قال الله تعالى : فخلف من بعدهم خلف . والخليفى : الخلافة ، وإنما سميت خلافة لأن الثاني يجيء بعد الأول قائما مقامه . وتقول : قعدت خلاف فلان ، أي بعده . والخوالف في قوله تعالى : رضوا بأن يكونوا مع الخوالف [ ص: 211 ] هن النساء ، لأن الرجال يغيبون في حروبهم ومغاوراتهم وتجاراتهم وهن يخلفنهم في البيوت والمنازل . ولذلك يقال : الحي خلوف ، إذا كان الرجال غيبا والنساء مقيمات . ويقولون في الدعاء : " خلف الله عليك " أي كان الله تعالى الخليفة عليك لمن فقدت من أب أو حميم . و " أخلف الله لك " أي عوضك من الشيء الذاهب ما يكون يقوم بعده ويخلفه . والخلفة : نبت ينبت بعد الهشيم . وخلفة الشجر : ثمر يخرج بعد الثمر . قال :
ولها بالماطرون إذا أكل النمل الذي جمعا خلفة حتى إذا ارتبعت
سكنت من جلق بيعا
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
ومن الباب الخلف ، وهو الاستقاء ، لأن المستقيين يتخالفان ، هذا بعد ذا ، وذاك بعد هذا . قال في الخلف :
[ ص: 212 ]
لزغب كأولاد القطا راث خلفها على عاجزات النهض حمر حواصله
والأصل الآخر خلف ، وهو غير قدام . يقال : هذا خلفي ، وهذا قدامي . وهذا مشهور . وقال لبيد :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
وأما الثالث فقولهم خلف فوه ، إذا تغير ، وأخلف . وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " " . ومنه قول لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك : ابن أحمر
بان الشباب وأخلف العمر وتنكر الإخوان والدهر
ويقال وعدني فأخلفته ، أي وجدته قد أخلفني . قال الأعشى :
[ ص: 213 ]
أثوى وقصر ليله ليزودا فمضى وأخلف من قتيلة موعدا
دلواي خلفان وساقياهما
فمن أن هذي تخلف هذي . وأما قولهم : اختلف الناس في كذا ، والناس خلفة أي مختلفون ، فمن الباب الأول ; لأن كل واحد منهم ينحي قول صاحبه ، ويقيم نفسه مقام الذي نحاه . وأما قولهم للناقة الحامل خلفة فيجوز أن يكون شاذا عن الأصل ، ويجوز أن يلطف له فيقال إنها تأتي بولد ، والولد خلف . وهو بعيد . وجمع الخلفة المخاض ، وهن الحوامل .ومن الشاذ عن الأصول الثلاثة : الخليف ، وهو الطريق بين الجبلين . فأما الخالفة من عمد البيت ، فلعله أن يكون في مؤخر البيت ، فهو من باب الخلف والقدام . ولذلك يقولون : فلان خالفة أهل بيته ، إذا كان غير مقدم فيهم .
ومن باب التغير والفساد البعير الأخلف ، وهو الذي يمشي في شق ، من داء يعتريه .