الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( دبر ) الدال والباء والراء . أصل هذا الباب أن جله في قياس واحد ، وهو آخر الشيء وخلفه خلاف قبله . وتشذ عنه كلمات يسيرة نذكرها .

                                                          فمعظم الباب أن الدبر خلاف القبل . والدبير : ما أدبرت به المرأة من غزلها حين تفتله . قال ابن السكيت : القبيل من الفتل : ما أقبلت به إلى صدرك ، والدبير : ما أدبرت به عن صدرك . ودابرة الطائر : الإصبع التي في مؤخر رجله . وتقول : جعلت قوله دبر أذني ، أي أغضيت عنه وتصاممت ، ودبر النهار وأدبر ، وذلك إذا جاء آخره ، وهو دبره . ودبرت الحديث عن فلان ، إذا حدثت به عنه ، وهو من الباب; لأن الآخر المحدث يدبر الأول يجيء خلفه . ودابرة الحافر : ما حاذى مؤخر الرسغ . وقطع الله دابرهم ، أي آخر من بقي منهم . والدابر من السهام : الذي يخرج من الهدف ، كأنه ولى الرامي دبره ، وقد دبر يدبر دبورا ، والدبران : نجم ، سمي بذلك لأنه يدبر الثريا . ودابرت فلانا : عاديته . وفي الحديث : " لا تدابروا " ، وهو من الباب ، وذلك أن يترك كل واحد منهما الإقبال على صاحبه بوجهه . والتدبير : أن يدبر الإنسان أمره ، وذلك أنه ينظر إلى ما تصير عاقبته وآخره ، وهو دبره . والتدبير عتق الرجل عبده أو أمته عن دبر ، وهو أن يعتق بعد موت صاحبه ، كأنه يقول : [ ص: 325 ] هو حر بعد موتي . ورجل مقابل مدابر ، إذا كان كريم النسب من قبل أبويه; ومعنى هذا أن من أقبل منهم فهو كريم ، ومن أدبر منهم فكذلك . والمدابرة : الشاة تشق أذنها من قبل قفاها . والدابر [ من ] القداح : الذي لم يخرج ; وهو خلاف الفائز ، وهو من الباب; لأنه ولى صاحبه دبره . والدابر : التابع; يقال : دبر دبورا . وعلى ذلك يفسر قوله جل ثناؤه : والليل إذا دبر ، يقول : تبع النهار . ودبر بالقمار ، إذا ذهب به . ويقال : ليس لهذا الأمر قبلة ولا دبرة ، أي ليس له ما يقبل به فيعرف ، ولا يدبر به فيعرف . ورجل أدابر : يقطع رحمه; وذلك أنه يدبر عنها ولا يقبل عليها . والدبور : ريح تقبل من دبر الكعبة . والدابرة : ضرب من أخذ الصرع . قال أبو زيد : يقال " هو لا يصلي الصلاة إلا دبريا " ، والمحدثون يقولون : دبريا . وذلك إذا صلاها في آخر وقتها ، يريد وقد أدبر الوقت .

                                                          وأما الكلمات الأخر فأراها شاذة عن الأصل الذي ذكرناه ، وبعضها صحيح . فأما المشكوك فيه فقولهم : إن دبارا اسم يوم الأربعاء ، وإن الجاهلية كذا كانوا يسمونه . وفي مثل هذا نظر . وأما الصحيح فالدبار ، وهي المشارات من الزرع . قال بشر :

                                                          [ ص: 326 ]

                                                          على جربة تعلو الدبار غروبها

                                                          ومن ذلك الدبر ، وهو المال الكثير; يقال مال دبر ، ومالان دبر ، وأموال دبر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية