الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ذب ) الذال والباء في المضاعف أصول ثلاثة : أحدها طويئر ، ثم يحمل عليه ويشبه به غيره ، والآخر الحد والحدة ، والثالث الاضطراب والحركة .

                                                          فالأول الذباب ، معروف ، وواحدته ذبابة ، وجمع الجمع أذبة . ومما يشبه به ويحمل عليه ذباب العين : إنسانها . ويقال ذببت عنه ، إذا دفعت عنه ، كأنك طردت عنه الذباب التي يتأذى به . وقول النابغة :


                                                          ضرابة بالمشفر الأذبه

                                                          فهو جمع ذباب . والمذبوب من الإبل : الذي يدخل الذباب منخره . والمذبوب : الأحمق ، كأنه شبه بالجمل المذبوب .

                                                          وأما الحد فذباب أسنان البعير : حدها . قال الشاعر :

                                                          [ ص: 349 ]

                                                          وتسمع للذباب إذا تغنى     كتغريد الحمام على الغصون

                                                          وذباب السيف : حده .

                                                          والأصل الثالث : الذبذبة : نوس الشيء المعلق في الهواء . والرجل المذبذب : المتردد بين أمرين . والذبذب : الذكر; لأنه يتذبذب أي يتردد . والذباذب : أشياء تعلق في هودج ، أو رأس بعير . والذب : الثور الوحشي ، ويسمى ذب الرياد . قال ابن مقبل :


                                                          يمشي بها ذب الرياد كأنه     فتى فارسي ذو سوارين رامح

                                                          وقالوا : سمي ذب الرياد لأنه يجيء ويذهب ، لا يثبت في موضع واحد .

                                                          ومن هذا الأصل الثالث قولهم ذبت شفته ، إذا ذبلت من العطش . وأنشد :


                                                          هم سقوني عللا بعد نهل     من بعد ما ذب اللسان وذبل

                                                          ويقال ذب النبت ، إذا ذوى . وذب جسمه ، أي هزل .

                                                          ومن الاضطراب والحركة قولهم : ذببنا ليلتنا ، أي أتعبنا في السير . ولا ينالون الماء إلا بقرب مذبب ، أي مسرع . قال :


                                                          مذببة أضر بها بكوري     وتهجيري إذا اليعفور قالا

                                                          [ ص: 350 ] وقال :


                                                          يذبب ورد على إثره     وأمكنه وقع مردى خشب

                                                          والله أعلم بالصواب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية