الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حضر ) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء ، ووروده ومشاهدته . وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحدا .

                                                          [ ص: 76 ] فالحضر خلاف البدو . وسكون الحضر الحضارة . قال :


                                                          فمن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا

                                                          قالها أبو زيد بالكسر ، وقال الأصمعي هي الحضارة بالفتح . فأما الحضر الذي هو العدو فمن الباب أيضا ، لأن الفرس وغيره يحضران ما عندهما من ذلك ، يقال أحضر الفرس ، وهو فرس محضير سريع الحضر ، ومحضار . ويقال حاضرت الرجل ، إذا عدوت معه . وقول العرب : " اللبن محضور " فمعناه كثير الآفة ، ويقولون إن الجان تحضره . ويقولون : " الكنف محضورة " . وتأول ناس قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ، أي أن يصيبوني بسوء . والباب كله واحد ، وذلك أنهم يحضرونه بسوء . ويقال للحاضر وهي الحي العظيم . قال حسان :

                                                          لنا حاضر فعم وباد كأنه     قطين الإله عزة وتكرما

                                                          ويروي ناس :

                                                          . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

                                                          كأنه شماريخ رضوى عزة وتكرما

                                                          وأنكرت قريش ذلك وقالوا : أي عزة وتكرم لشماريخ رضوى . والحضيرة : الجماعة ليست بالكثيرة . قال :


                                                          يرد المياه حضيرة ونفيضة     ورد القطاة إذا اسمأل التبع

                                                          ويقال المحاضرة المغالبة ، وحاضرت الرجل : جاثيته عند سلطان أو حاكم .

                                                          [ ص: 77 ] ويقال ألقت الشاة حضيرتها ، وهي ما تلقيه بعد الولد من المشيمة وغيرها . وهذا قياس صحيح ، وذلك أن تلك الأشياء تسمى الشهود ، وقد ذكرت في بابها .

                                                          وحضرة الرجل : فناؤه . والحضيرة : ما اجتمع من المدة في الجرح . ويقال : حضرت الصلاة ، ولغة أهل المدينة حضرت . وكلهم يقول تحضر . وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فعل يفعل . وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمة واحدة وقد ذكرت في بابها . ويقال رجل حضر إذا كان لا يصلح للسفر . وهذا كقولهم رجل نهر ، إذا كان يصلح لأعمال النهار دون الليل . قال :

                                                          لست بليلي ولكني نهر ويقولون : إن الحضر شحمة في المأنة وفوقها . ومما شذ عن الباب الحضر ، وهو حصن ، في قول عدي :


                                                          وأخو الحضر إذ بناه     وإذ دجلة تجبى إليه

                                                          والخابور ومن الشاذ ، ويجوز أن يحمل على ما قبله حضار ، وهو كوكب . والعرب تقول : " حضار والوزن محلفان " ; وذلك أن الناس يحلفون عليهما أنهما سهيل لأنهما يشبهانه . والمحلف : الشيء الذي يحوج إلى الحلف . قال :

                                                          [ ص: 78 ]

                                                          كميت غير محلفة ولكن     كلون الورس عل به الأديم

                                                          وحضار الإبل : بيضها . قال الهذلي :

                                                          شومها وحضارها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية