المبحث الأول: تحريم التقليد، والدعوة إلى الاجتهاد 
المطلب الأول: ضبط مفهوم التقليد لقد كان ضبط مفهوم التقليد أول خطوة منهجية خطاها الإمام الشوكاني فـي بحث هـذا الموضـوع، وتكمن دقة هـذه الخطوة في اعتبارات أربعة: 
أولا: أن التعاريف الاصطلاحية للتقليد قد تعددت وتنوعت. 
ثانيا: أنه ترتب على هـذا التعدد والتنوع اختلاف بين العلماء في الأحكام المستنبطة والتصورات المصوغة في موضوع التقليد. 
ثالثا: أن عدم تحقيق وضبط مفهوم التقليد وتعدد تعريفاته الاصطلاحية أفرز إشكاليات منهجية بين علماء الأصول، من بينها: هـل قبول قول الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى تقليدا، أم لا؟ وهل قبول قول غيره من الصحابة والتابعين يسمى تقليدا، أم لا؟ [1] وقد اختلفت الإجابة عن مثل هـذه التساؤلات بسبب الاختلاف في تحديد حقيقة التقليد. 
رابعا: أن المفهوم الذي حدده الشوكاني لمصطلح التقليد اتخذه ضابطا منهجيا في دراسته لكل مباحث التقليد. من هـنا جنب الإمام الشوكاني بضبطه لمفهوم مفردة التقليد نفسه الكثيـر من الاختلافات المنهجية.   [ ص: 106 ] 
فبعدما ذكر الشوكاني  التعاريف الاصطلاحية المختلفة للتقليد مثل: العمل بقول الغير من غير حجة. و: قبول القول من غير حجة تظهر على قولـه. وغيرها من التعريفات [2] ، انتقدها وعلق عليها، ثـم حرر تعريفه الاصطـلاحي للتقليد بقولـه: «هو قبول رأي من لا تقوم به الحجـة بلا حجة» [3]   . 
وقد استخرج من قيود هـذا التعريف فوائد عديدة أهمها: 
- إخراج العمل بقول الرسـول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن قـوله وفعلـه هـو نفسه حجة. 
- قبول رواية الراوي إن روى عمن تقوم به الحجة [4]   . 
واستحضر هـاتين الفائدتين، واستثمرهما في بيان حقيقة التقليد، والتفريق بينه وبين بعض المصطلحات التي تستعمل على أنها مترادفات له مثل: الاقتداء، الاتباع، الاستصواب، الموافقة. 
				
						
						
