الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            المطلب السابع: مراعاة مقاصد الشريعة

            من عناصر منهج الدراسات الفقهية عند الامام الشوكاني مراعاة أسـرار الشريعة ومقاصدها العامة في فهم النصوص، وتطبيقها على الجزئيات والوقائع.

            ومن هـذا المنطلق أخذ على كثير من الفقهاء قولهم بخروج الماء المستعمل عن الطهورية، واصفا اجتهادهم هـذا وما ترتب عليه من تفريعـات بأنه بعيد عن روح الشريعة الإسلامية السهلة حيث قال: « وللحنفية والشافعية وغيرهم مقالات في المستعمل ليس عليها أثارة من علم، وتفصيلات وتفريعات عن الشـريعة السمحة السـهلة بمعزل» [1] .

            كما رفض قول من حكم بوقوع طلاق السكران عقوبة له؛ لأنـه لم يربط بين الحكم ومناط التكليف ، وهو العقل، فقال: «والحاصل [ ص: 193 ] أن السكران الذي لا يعقل لا حكم لطلاقه؛ لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام، وقد عين الشارع عقوبته، فليس لنا أن نجاوزها برأينا، ونقول: يقع طلاقه عقوبة له. فيجمع له بين غرمين» [2] .

            ومن مظاهر اعتبار الشوكاني لمقاصد الشريعة في الاجتهاد الفقهي تأكيده ضرورة علم الفقيه أن هـذه الشريعة المطهرة السمحة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسـد [3] ، مـع ملاحظته أن هـذا الجلب والدفـع لا يكونان مطلقين، ولكن في حالات لخصها في قوله: «...ما لم يرد فيه نص يخصه، ولا اشتمل عليه عموم، ولا تناوله إطلاق... وأما مواقع النصوص، وموارد أدلة الكتاب والسنة، ومواطن قيام الحجج فلا جلب نفع، ولا دفع ضرر أولى من ذلك، وأقرب منه إلى الخير، وأولى منه بالبركة، فهو في الحقيقة مصالح مجلوبة ومفاسد مدفوعة، وإن قصرت بعض العقول عن إدراك ذلك، والإحاطة بكنهه، والوقوف على حقيقته» [4] . [ ص: 194 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية