الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            المطلب الثاني: الاعتماد على اللغة العربية في استنباط الأحكام

            لما كانت اللغة العربية هـي اللغة التي حملت الخطاب الإلهي عدها الشوكاني شرطا أوليا في فهم خطاب الشارع، وأساسا مقدما في استنباط أحكام الشرع. من هـنا كان منهجه في بحث كل جـملة أو لفظة لغوية يتوقف عليها حكم شرعي: تحديد معناها اللغوي، مستشهدا علـى ذلك بما يؤيده من أشعار، أو كلام أهل اللغة. فإذا تحرر لديه معنى النص على أساس اللغة، استنبط الحكم الشرعي. وقد أفاده هـذا المنهج كثيرا في الترجيح بين الروايات والأقوال.

            ففي موضوع: قصر الصلاة في السفر، قال الإمام الشوكاني : «هذه المسألة قد اضطربت فيها الأقوال واضطربت فيها مذاهب الرجال» [1] . ثم حرر رأيه فيها بناء على المعنى اللغوي لمصطلح: السفر، فقال: «فالواجب الرجوع إلى ما يصدق عليه أنه سفر، وأن القاصد إليه مسافر، ولا ريب أن أهل اللغة يطلقون اسم: المسافر، على من شد رحله، وقصد الخروج من وطنه إلى مكان آخر، فهذا يصدق عليه أنه مسافر، وأنه ضارب فـي الأرض، ولا يطلقون اسم: المسافر، على من خرج مثلا إلى الأمكنة القريبة من بلده لغرض من الأغراض، فمن قصد السفر قصر إذا حضرته الصلاة، ولو كان في ميل بلده» [2] . [ ص: 183 ]

            كما رفض في موضوع: زكاة الحلي، استدلال من استدل على وجوبها بما ورد من ذكر الزكاة في الورق والرقة في الأحاديث؛ لأنه قد ثبت في كتب اللـغة كالصحاح والقامـوس وغيرهما: أن الورق والرقة اسم للدراهم المضروبة، فلا يصح الاسـتدلال بهذين اللفظين على وجوب الزكاة في الحلية [3] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية