ثالثا: المناخ الملائم لازدهار الوقف
الوقف كنظام، شأنه شأن أي نظام، حتى يحقق أهدافا بكفاءة عالية، يتطلب توافر مقومات معينة، منها:
1- وجود ثقافة ومعرفة وقفية جيدة لدى جمهرة الناس وخاصة القادرين منهم، ولدى المسئولين في الدولة، بحيث يكون لدى الجميع إدراك طبيعي لأهمية الوقف الدينية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا يعني مزيدا من العناية والعمل الجاد لإحياء سنة الوقف وتطوير منابعه وأوجه استثماره ومجالات إنفاقه.
2- وجود نظام تشريعي جيد يحترم تماما الأحكام الشرعية للوقف، وكذلك رغبات الواقفين، والسعي لإصدار قانون موحد للوقف، يجمع [ ص: 55 ] شتات القوانين المختلفة، بحيث يبقي على الصالح من موادها، ويتخلص من المواد التي أدت إلى جفـاف نبع الوقف في الحياة المعاصرة، ويضيف إليها ما يؤدي إلى تعظيم دور الوقف.
3 - وجود إدارة للأوقاف تتصف بالكفاءة، مع توفير كل ضمانات المراقبة الجادة والمتابعة المستمرة من قبل الواقف من جهة والمجتمع من جهة ثانية والدولة من جهة ثالثة. وكذلك إقامة دورات تدريب لنظار الأوقاف، بهدف رفع كفاءتهم وقدراتهم الإدارية.
4 - وجود أنظمة وأساليب تمويلية واستثمارية على درجة عالية من الكفاءة الاقتصادية، بحيث تحقق أموال الوقف أقصى استغلال، وذلك عن طريق إنشاء مظلة جامعة للتجارب الوقفية في الدول العربية والإسلامية، وبالصيغة المناسبة التي تعمل على الاستفادة من هـذه التجارب والتنسيق بينها.
إن مهام اليقظة الإسلامية المعاصرة في شتى الميادين، التي يمثل النجاح فيها طوق النجاة لأمتنا، هـي رهن بتعظيم دور «الأمة» في حركة اليقظة الإسلامية المعاصرة؛ ليعود للأمة دورها الرائد والقائد في صناعة حضارتها الإسلامية.
وإذا كان العقل المسلم مدعوا إلى إحياء نظام الوقف لتمويل مشروعات تجديد الحضارة الإسلامية، فإنه مدعو كذلك إلى التفكير في رفع المظالم وتصحيح الأخطاء وإصلاح ما أفسدته «الدولة الحديثة»، عندما ألغت هـذا النظام الذي كان سبيل «الأمة» لبناء حضارتها؛ ليعود، مرة أخرى، سبيل الأمة لإشاعة العدل الاجتماعي، ولتمويل بعث الحضارة الإسلامية من جديد..
[1] . [ ص: 56 ]