ذكر مسكنه [ عليه السلام ] 
قال مؤلف الكتاب: كان عيسى عليه السلام  يسكن من ساعير أرض الخليل عليه السلام  بقرية تدعى ناصرة   . 
ذكر ما جرى له في الصغر في المكتب 
قال  سعيد بن جبير   : لما ترعرع عيسى  جاءت به أمه إلى معلم الكتاب فدفعته  [ ص: 21 ] إليه ، فقال له: قل بسم ، فقال عيسى   : الله ، فقال المعلم: الرحمن ، فقال عيسى   : الرحيم . فقال المعلم: كيف أعلم من هو أعلم مني . 
وكان يخبر الصبيان مما يأكلون ، وما يدخر لهم أهاليهم في البيوت . 
ذكر نبوته ومعجزاته 
قال علماء السير: أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام  حين تم له ثلاثون سنة  ، فأمره أن يبرز للناس فيدعوهم إلى الله عز وجل . وكانوا أرباب أوثان ، ثم أنزل عليه الإنجيل بالسريانية ، فأقبل عيسى  إلى بيت المقدس  ، فأبرأ أعمى ممسوح العينين ، ومقعدا زمنا . وكان يداوي المرضى ، والزمنى ، والعميان ، والمجانين ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى ، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله . وينبئهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ، وكان كتابه الإنجيل ، وزاده التوراة ، وعلمه الزبور . 
وكان من آياته المائدة والمشي على الماء ، وقد كان يسبح في بطن أمه ، وتكلم في المهد طفلا . 
قال وهب: وكان يجتمع على بابه من المرضى خمسون ألفا . 
أنبأنا يحيى بن ثابت  ، قال: أخبرنا الحسن بن الحصين بن دوما  ، قال: أخبرنا  مخلد بن جعفر  ، قال: أخبرنا الحسن بن علي القطان  ، قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار  ، قال: أخبرنا إسحاق بن بشر القرشي  ، قال: حدثني محمد بن الفضل  ، عن أبان بن أبي عياش  ، عن أبي عثمان النهري  ، عن  سلمان الفارسي  ، قال:  [ ص: 22 ] لم يبق في مدينتهم زمن ولا مبتلى ولا مريض إلا اجتمعوا إليه فدعا لهم فشفاهم الله ، فصدقوه واتبعوه ، ثم قالوا له: ابعث لنا من الآخرة ، قال: من تريدون ؟ قالوا: سام بن نوح  ، فإنه قد مات منذ كذا وكذا ألف سنة ، قال: تعلمون أين قبره ؟ قالوا: في وادي كذا وكذا . 
فانطلقوا إلى الوادي ، فصلى عيسى  ركعتين ، ثم قال: يا رب ، إنهم سألوني ما قد علمت ، فابعث لي سام بن نوح  ، فقال: يا سام بن نوح  ، قم بإذن الله ، ثم نادى مثل ذلك ، ثم نادى الثالثة ، فأجابه فنظر إلى الأرض قد انشقت عنه ، فخرج وهو ينفض التراب عن رأسه وهو يقول: لبيك يا رسول الله وكلمته ، ها أنا ذا قد جئتك . فقال: يا بني إسرائيل  ، هذا عيسى بن مريم  ، ابن العذراء المباركة ، روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم  ، فآمنوا به واتبعوه . 
ثم قال: يا روح الله ، إنك لما دعوتني جمع الله مفاصلي وعظامي ، ثم سواني [ خلقا ] فلما دعوتني الثانية رجعت إلي روحي ، فلما دعوتني الثالثة خفت أن تكون القيامة ، فشاب رأسي وأتاني ملك ، فقال: هذا عيسى  يدعوك لتصدق مقالته ، يا روح الله ، سل ربك أن يردني إلى الآخرة فلا حاجة لي في الدنيا . 
قال عيسى   : فإن شئت أن تكون معي ، قال: يا عيسى  ، أكره كرب الموت ، ما ذاق الذائقون مثله . فدعا ربه فاستوت عليه الأرض ، وقبضه الله إليه ، فبلغ عدة من آمن بعيسى  سبعة آلاف  . 
قال مؤلف الكتاب: وقد روي أن الذي أحياه حام [ بن نوح ]   . 
 [ ص: 23 ] أنبأنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد  ، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد بن السراج  ، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال  ، قال: أخبرنا يوسف بن عمر الزاهد  ، قال: قرئ على عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري  وأنا أسمع ، قيل له: أخبركم موسى بن عبد الأعلى  ، قال: حدثنا ابن وهب  ، قال: أخبرني  ابن لهيعة  ، عن ابن الهاد  ، عن  ابن شهاب  ، قال: قيل لعيسى بن مريم  عليه السلام: أحي حام بن نوح  ، فقال: أروني قبره ، فأروه فقام فقال: يا حام بن نوح  احي بإذن الله ، فلم يخرج ، ثم قالها الثانية ، فإذا شق رأسه ولحيته أبيض . فقال: ما هذا ؟ قال: سمعت الدعاء الأول فظننت أنه من الله عز وجل ، فشاب له شقي ، ثم سمعت الثاني فعلمت أنه من الدنيا فخرجت . قال: منذ كم مت ؟ قال: منذ أربعة آلاف سنة ما ذهبت عني سكرة الموت  . 
ذكر كلمات مما أوحي إلى عيسى عليه السلام   
أنبأنا  يحيى بن ثابت بن بندار  ، قال: أخبرنا الحسن بن الحسين بن دوما  ، قال: أخبرنا  مخلد بن جعفر  ، قال: أخبرنا الحسن بن علي العطار  ، قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى العطار  ، قال: أخبرنا إسحاق بن بشر القرشي  ، قال: أخبرنا عيسى بن عطية السعدي  ، وعبد الله بن زياد بن سمعان  ، قالا: عن بعض من أسلم من أهل الكتاب  قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى   : يا عيسى ابن مريم  ، اذكرني في الدنيا أذكرك في  [ ص: 24 ] المعاد ، أكحل عينك بملول الحزن ، تيقظ لي في ساعات الليل . أسمعني لذاذة الإنجيل ، إذا دخلت مسجدا من مساجدي فليضطرب قلبك خوفا مني ، ولتخشع جوارحك لي . وقل لقومك إذا دخلوا مسجدا من مساجدي: لا تدخلوا إلا بقلوب خائفة ، وأبصار خاشعة خافضة ، وأيد طاهرة من الدنس . وأخبرهم أني لا أستجيب دعاء الظالم حتى يرد المظلمة إلى صاحبها . يا عيسى  ، لا تجالس الخطائين حتى يتوبوا . [ يا عيسى  ، إني ذاكر كل من ذكرني ، وألعن الظالمين إذا ذكروني ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					