الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وذكر بعض العلماء بالأخبار أن سابور لما أثخن في العرب وأجلاهم عن [ ص: 87 ] نواحي فارس والبحرين واليمامة ذهب إلى الشام والروم ، وأعلم أصحابه أنه عزم على دخول الروم ليبحث عن أسرارهم ، فدخل وبلغه أن قيصر أولم وجمع الناس ، فانطلق سابور على هيئة السؤال ، حتى شهد ذلك الجمع لينظر إلى قيصر ، ففطن له وأخذ ، وأمر به قيصر فأدرج في جلد ثور .

ثم سار بجنوده إلى أرض فارس ، ومعه سابور على تلك الحالة ، فأكثر من القتل وخراب القرى حتى انتهى إلى مدينة جنديسابور ، وقد تحصن أهلها ، فنصب المجانيق ، وهدم بعضها ، فبينما هم كذلك ذات يوم إذ غفل الروم الموكلون بحراسة سابور ، وكان بقربه قوم من سبي الأهواز ، فأمرهم أن يلقوا على القد الذي كان عليه زيتا ، ففعلوا فلان الجلد ، فانسل منه ، فلم يزل يدب حتى دنا من باب المدينة ، وأخبر حراسها باسمه ، فلما دخلها ارتفعت أصوات أهلها بالحمد ، فانتبه أصحاب قيصر بأصواتهم ، وجمع سابور من كان في المدينة وعبأهم ، [ وخرج ] إلى الروم سحرا ، فقتلهم وخرج وأخذ قيصر أسيرا ، وغنم أمواله ونساءه ، وأثقله بالحديد ، وأخذه بعمارة ما أخرب ، ثم قطع عقبه ، وبعث به إلى الروم على حمار .

ثم أقام سابور حينا ، ثم غزا الروم ، فقتل وسبى ، ثم استصلح العرب ، وأسكن بعضهم للأهواز وكرمان ، وبقي في مملكته اثنتين وسبعين سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية