ذكر صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
أخبرنا هبة [الله] بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا قال: حدثني أبي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد أبو سلمة قال: أخبرنا . قال: حدثني سليمان بن بلال ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سمع [ينعت رسول الله صلى الله عليه وسلم] يقول: أنس بن مالك
أزهر ليس بالآدم ولا الأبيض الأمهق ، رجل الشعر ، ليس بالسبط ولا بالجعد القطط" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربعة [من القوم] ، ليس بالقصير ولا بالطويل البائن ، . [ ص: 254 ]
أخبرنا عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أحمد بن منصور الخليلي قال: أخبرنا علي بن أحمد القداعي قال: أخبرنا قال: حدثنا الهيثم بن كليب أبو عيسى ، عن يونس ، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة قال: حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب قال:
رضي الله عنه إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يكن بالطويل الممغط ولا بالقصير المتردد ، كان ربعة من القوم ، لم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط ، كان جعدا رجلا فلم يكن بالمطهم ولا بالمتكلثم ، وكان في وجهه تدوير ، أبيض مشربة [حمرة] أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتد ، [أجرد] ، ذو مسربة ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما ينحط في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهو خاتم النبيين ، أجود الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه علي بن أبي طالب . كان
يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله ، صلى الله عليه وسلم . قال : سمعت الترمذي أبا جعفر محمد بن الحسين يقول: سمعت يقول : [ ص: 255 ] الأصمعي
الممغط: الذاهب طولا .
والمتردد: الداخل بعضه في بعض قصرا .
وأما القطط: فشدة الجعودة .
والرجل : الذي في شعره جعودة أي تثن قليل .
والمطهم: المبدن الكثير اللحم .
والمتكلثم: المدور الوجه .
والمشرب: الذي في بياضه حمرة .
والأدعج: الشديد سواد العين .
والأهدب: الطويل الأشفار .
والكتد: مجتمع الكتفين وهو الكاهل .
والمسربة: الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر إلى السرة .
والشثن: الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين .
والتقلع: أن يمشي بقوة . والصبب: الحدور . يقول: انحدرنا في صبب .
وقوله: جليل المشاش: يريد رءوس المناكب .
والعشرة: [الصحبة] والبديهة: المفاجأة .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال:
أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: جرير بن حازم
حدثني من سمع يحدث: الزهري أن يهوديا قال: ما كان بقي [شيء] من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة إلا رأيته
[ ص: 256 ]
إلا الحلم ، فإني أسلفته ثلاثين دينارا إلى أجل معلوم ، وتركته حتى إذا بقي من الأجل يوم أتيته فقلت: يا محمد ، اقضني حقي ، فإنكم معاشر بني عبد المطلب مطل . فقال عمر ، يا يهودي الخبيث ، أما والله لولا مكانه لضربت الذي فيه عيناك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا حفص ، نحن كنا إلى غير هذا منك أحوج إلى أن تكون أمرتني بقضاء ما علي ، وهو إلى أن تكون أعنته في قضاء حقه أحوج" .
قال: فلم يزده جهلي عليه إلا حلما . قال: "يا يهودي ، إنما يحل حقك غدا" . ثم قال: "يا أبا حفص اذهب به إلى الحائط الذي كان سأل أول يوم ، فإن رضيه فأعطه كذا وكذا صاعا ، وزده لما كلت له كذا وكذا صاعا ، فإن لم يرض ذلك فأعطه من حائط كذا وكذا" .
فأتى به الحائط فرضي [تمره] فأعطاه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [وما أمره من] الزيادة . فلما قبض اليهودي تمره قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وإنه والله ما حملني على ما رأيتني صنعت يا عمر إلا أني قد كنت رأيت في رسول الله صلى الله عليه وسلم صفته في التوراة كلها إلا الحلم ، فاختبرت حلمه اليوم فوجدته على ما وصف في التوراة ، وإني أشهدك أن هذا التمر وشطر مالي في فقراء المسلمين . قال عمر: أو بعضهم . قال: أو بعضهم ، فأسلم أهل بيت اليهودي كلهم إلا شيخا [كان] ابن مائة سنة فعسا على الكفر . قال ابن سعد : وحدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، عن موسي بن [ ص: 257 ] يعقوب الزمعي ، عن سهل مولى عتيبة : أنه كان نصرانيا ، وكان يتيما في حجر أمه وعمه ، فكان يقرأ الإنجيل ، قال: فأخذت مصحفا لعمي فقرأته حتى مرت بي ورقة: فأنكرت كتابتها [حين مرت بي ، ومسستها بيدي ، قال: فنظرت] فإذا [فصول الورقة] ملصقة ، ففتقتها فوجدت فيها نعت محمد صلى الله عليه وسلم:
لا قصير ولا طويل ، [أبيض ، ذو ضفيرين] بين كتفيه خاتم ، يكثر الاحتباء ، ولا يقبل الصدقة ، ويركب الحمار والبعير ، ويحتلب الشاة ، ويلبس قميصا مرقوعا ، وهو من ذرية إسماعيل اسمه أحمد .
قال: فجاء عمي فرأى الورقة فضربني وقال: مالك وفتح هذه الورقة . فقلت: فيها نعت النبي أحمد [صلى الله عليه وسلم] . وقال: إنه لم يأت بعد .
قال محمد بن سعد : وأخبرنا يزيد بن هارون ، قالا: حدثنا وهاشم بن القاسم عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون قال: أخبرنا هلال ، عن وقال: عطاء بن يسار
سئل عن عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: أجل والله ، إنه موصوف في التوراة بصفته في القرآن ( صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، [وهي في التوراة: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين] ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليط ولا صخاب في الأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويغفر ، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا لا إله إلا الله ، فيفتح به أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا . [ ص: 258 ]
قال : أوحى الله تعالى إلى شعيا: إني مبعث نبيا أميا ، أفتح به آذانا صما ، وقلوبا غلفا ، وأعينا عميا ، مولده وهب بن منبه بمكة ، ومهاجره طيبة ، وملكه بالشام ، عبدي المتوكل المصطفى ، المرفوع الحبيب المجيب ، لا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح ويغفر ، رحيم بالمؤمنين وليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا متزين بالفحش ، ولا قوال للخنى ، أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم ، أجعل السكينة لباسه ، والبر شعاره ، والتقوى ضميره . والحكمة مقوله ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو [والمغفرة] والمعروف خلقه ، والعدل سيرته ، والحق شريعته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلالة ، وأعلم به بعد الجهالة ، وأكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين قلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة وأمم متفرقة . أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، توحيدا لي ، وإيمانا بي ، وإخلاصا لي ، وتصديقا لما جاءت به رسلي وهم دعاة الشمس ، طوبى لتلك القلوب .