الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الركن الثاني : المأخوذ ، وفي الجواهر : لا شفعة في غير الدور والأرضين والنخل والشجر وما يتصل بذلك من بناء أو ثمرة ، ولا شفعة في دين ولا حيوان ولا سفن ولا بز ولا طعام ولا عرض ولا غيره انقسم أم لا ، وقاله ( ش ) و ( ح ) لما في الصحاح : ( قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة ) وهو يدل بالمفهوم على عدم الشفعة في المنقولات لتعذر الحدود والطرق فيها ، ولقوله - عليه السلام - في مسلم : ( الشفعة في كل شرك لم يقسم : ربع أو حائط ، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ) الحديث ، والمبتدأ يجب انحصاره في الخبر فلا تشرع في المنقولات ، قال ابن يونس : عن مالك : إلا أن يبيع الدين من عدوه أو نحوه فهو أحق لنفي الضرر ، ولأن المكاتب أحق بما يباع من كتابته ، وعنه - عليه السلام - : ( الذي عليه الدين أحق بما بيع من مشتريه ) قال مالك : هو أحق من غير قضاء عليه .

                                                                                                                قال اللخمي : اختلف في الشفعة في اثني عشر موضعا : فيما لا يجوز التراضي بقسمه كالنخلة الواحدة والشجرة وفحل النخل إذا بيع مفردا ، وما لا يحمل القسم إلا بضرر كالحمام والدار الصغيرة وفي الساحة والطريق والجدار ، وإن حمل القسم إذا بيع بعد قسم الأصول ، وفي الأنقاض إذا بيعت بغير أرض ، وفي الماجل والبئر والعين إذا لم يكن عليها جباة وقسمت أو بيعت مفردة ، وفي الثمار إذا بيعت مع [ ص: 281 ] الأصول أو مفردة ، والزرع إذا بيع مع الأصل في المساقاة ، وفي رحا الماء ورحا الدواب بيعت بانفرادها أو مع الأرض ، ويختلف على هذا في رقيق الحائط ودوابه إذا بيعت مع الأصل أو مفردة ، والثامن المناقلة ، والتاسع : بيع منافع ما فيه شفعة وهو الكراء ، والعاشر : ما يوصي الميت ببيعه لغير معين ، والحادي عشر : الهبة والصدقة . الثاني عشر : شفعة من شريكه بغير البلد الذي فيه المبيع ، فمنع مالك في النخلة الواحدة والشجرة ، لأن الشفعة إنما شرعت لخوف قلة السهم في القسم أو تغير البنيان ، وضيق الممر ، وتضييق الواسع ، وخراب العامر ، ولو وجبت لضرر الشركة لوجبت في الجارية لدخول ضرر منع الوطء بالشركة ، وأوجبها أشهب في النخلة والشجرة .

                                                                                                                واختلف عن مالك في الدار التي لا تنقسم ، وهذا إنما يحسن إذا كان للمشتري أن يدعو إلى بيع الجميع ، أما على القول بأن من اشترى نصيبا بانفراد ليس له أن يدعو إلى بيع الجميع لا يكون للآخر عليه شفعة ، وكذلك إن كانت تلك الدار إن بيع ذلك النصيب بانفراده لا يزيد على بيع الجملة ، فلا شفعة ، إذ ليس له أن يدعو إلى بيع الجميع ، وكذلك إذا كان بيع الجميع أتم وقال المشتري : الآن أنا أسقط مقالي ولا أدعو إلى بيع الجميع ، ومتى أردت البيع بعت نصيبي ، إلا أن يقال : إن الشفعة لدفع الضرر المتوقع في طول أمد الشركة وإنه لا يقدر على إصلاح ولا جذاذ ولا حرث إلا برضا صاحبه ، وقال مالك : في المدونة : في الحمام الشفعة خلافا لعبد الملك ، وهو اختلاف من قوله في النخلة ولا فرق ، وأما الجدار يكون بين الدارين : فعند ابن القاسم : فيه الشفعة ، وعلى أصل أشهب : لا شفعة لأنه منع من قسمته ، وإن حمل القسم وأبقاه مرفقا بينهما لخشبهما وأوتادهما ، وكذلك قال في الماجل إذا اقتسما ما سواه وإن حمل القسم ، وفي المناقلة ثلاثة أقوال : فعن ابن القاسم : إن باع نصف أرضه بأرض [ ص: 282 ] أخرى وزيادة دنانير فيه الشفعة . وكان من قول مالك : إن علم أنه أراد المناقلة والسكنى دون البيع فلا شفعة ، لأنه لم يرض بالخروج من داره ، وقال عبد الملك : إنما قال مالك : لا شفعة في دارين أو حائطين بين أشراك يناقل أحدهم بعض أشراكه حصته من هذه الدار بحصته من الدار الأخرى أو الحائط ، فيجمع كل واحد منهم في شيء واحد ، لأنه إنما أراد توسعة حظه وجمعه ، وأما إن ناقل بنصيبه من دار أخرى لا نصيب له فيها ففيها الشفعة ، عامل بذلك بعض أشراكه أو أجنبيا ، وقد روي عن مالك : أن في ذلك كله الشفعة ، قال اللخمي : عدمها إن أراد جمع نصيبه أحسن ، لأن الأصل : أن كل ذي ملك أحق بملكه ، وإنما وردت السنة بتغليب أحد الضررين بأن يعاد للمشتري مثل دنانيره ، وخصت الرباع بذلك ، لأن ضررها أشد ، فإذا خرج من ربعه لدفع مضرة من ربع آخر فهو أحق بما رفع المضرة منه وبما خرج من ملكه لأجله ، وكذلك إذا أخذ نصيبا من دار لا شرك له فيها ، والأمر في الأول أبين ، وعن مالك : لا شفعة لمن لم يسكن ، لأن الضرر الأعظم منعه من السكن ، فعلى هذا لا يشفع في الحمام ولا الفندق ولا فيما يراد للغلة ولا يسكن ، وأما النقض : ففي المدونة : إذا أذنت لهما في البناء في عرصتك ، ثم باع أحدهما حصته : لك أخذها بالقيمة دون ما بيعت به وإن كان أكثر من قيمتها ، لأن لك أخذ النقض بالقيمة إلا أن تكون القيمة أكثر فتأخذ بما بيع به لأن البائع رضي بذلك ; فإن لم تأخذ فالشريك أولى من المشتري ، لأن هدم نصف كل بيت ضرر ، قال اللخمي : النقض قسمان ، لرجل دار يبيع نقضها دون أرضها ، أو الأرض لك والنقض لآخر وقد أعرتها لأجل وانقضى ، واختلف في البيع في هذين السؤالين هل يصح أم لا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية