الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال اللخمي : إذا أوصى لبكر لا ولي لها ودفع الورثة ذلك لها بغير إذن الإمام برئوا ؛ لأنه أوصى بدفع ذلك إليها . قال : وأرى إن كان لها وصي أن يدفع إليه ، إلا أن يعلم أن الميت أراد دفع ذلك إليها توسعة في مطعمها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أوصى بشراء عبد ابنه لا يزاد على قيمته لئلا يكون وصية للوارث بخلاف الأجنبي .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا قتل الموصى له الموصي خطأ جازت الوصية في المال دون الدية ؛ لأن الوصية إنما تدخل فيما علمه الموصي ، أو عمدا فلا في المال ولا في الدية ، قياسا على الوارث ، وإن أوصى له بعد أن ضربه خطأ وعلم به جازت في المال والدية لعلمه بها ، ويجوز في المال دون الدية في العمد ؛ لأنه قد لا يصالح عليها فهي غير معلومة له . قال صاحب التنبيهات : إذا حيي حياة بينة وعرف ما هو فيه والوصية مقدمة ولم يغيرها ولا جدد أمرا فقيل : ينفذ وهو ظاهر ما في ( كتاب الديات ) وتدخل الوصايا في ذلك على العموم ، وقيل : لا تدخل إلا أن ينص عليها ولو قبله الموصى له عمدا ، قال في الهبات : تبطل الوصية ولم يفصل علم أم لا ، ولا يتركونها في مال ولا دية ، وعنه : إن قتله عمدا بعد الوصية بطلت لإرادته بتعجيل ما أحله الله تعالى ، وعنه : تبطل في المال والدية إلا أن يعلم أنه قتله عمدا فيوصي له بعد علمه فيجوز في المال دون الدية إن قبلت ، وقال محمد : يجوز في المال دون الدية علم أم لا ، لانتفاء التهمة بتعجيل الوصية ، وجعل ابن أبي زيد هذا معنى ما [ ص: 92 ] في الكتاب .

                                                                                                                قال صاحب النكت : قال بعض الصقليين : قوله في الكتاب : إذا قتله خطأ الوصية في المال دون الدية ، معناه : إذا مات بالفور ، أما لو حيي وعرف ما هو فيه كانت في المال والدية . قال التونسي : في كتاب محمد : إن قال : إن قبل ولاتي الدية فالوصايا فيها ، لم تدخل الوصايا في الدية إن قبلوها ؛ لأن عفوهم مشكوك فيه . قال : وهو مشكل ؛ لأنه لو قيل : غرقت سفينتك فقال إن سلمت فالوصايا فيها ؟ هل يمكن أن يقال : لا تدخل الوصايا فيها ؟ وفي كتاب محمد : إن أوصى لمكاتب فقتله سيد المكاتب : إن كان ضعيفا عن الأداء ، والأداء أحب للسيد ، امتنعت الوصية لاتهامه في تعجيل منفعته ، أو قويا على الأداء وعجزه أحب لسيده جازت في الثلث ، وإن كان القتل خطأ جازت مطلقا ، والمستحسن هاهنا : أن تكون من الثلث والدية ؛ لأن الموصى له غير القاتل ، فالآخذ غير الغارم ، وإن أوصى لعبد رجل أو مدبره أو معتقه إلى أجل فقتله سيد الموصى له بطلت الوصية إلا في التافه الذي لا يتهم فيه ، وإن كانت خطأ جازت ، واستحسن أيضا أن تكون من الثلث والدية ، فلو قتله أبو الموصي أو ابنه أو امرأته أو عبده جازت الوصية في العمد والخطأ لعدم التهمة ، ( فلو وهب في مرضه فقتله الموهوب بعد القبض أو قبله نفذت من الثلث في العمد والخطأ لعدم التهمة ) . وكذلك لو أقر له بدين فقتله ، ولو كان الدين مؤجلا أخذه حالا ، ولا يتهم في تعجيل الدين كأم الولد إذا قتلت سيدها فعفا عنها عجل عتقها ، وقد قيل : إذا علق عتق عبده على موت دابة فقتلها العبد عدوانا تعمر ويعتق بعد تعميرها ، ولو قامت البينة على القتل فعفا الولد عنه صح عفوه ولا يرثه لاتهامه في العفو على الميراث ، بل له أن يوصي له بقدر إرثه ؛ لأنه غير وارث بخلاف الإبراء إلا أن يجعل وصيته ؛ لأنه جعله من رأس المال [ ص: 93 ] فأشبه قوله : أعتقت هذا في صحتي تبطل ، ولا تكون من رأس المال ولا ثلث على أحد القولين ، وقيل : من الثلث . قال ابن يونس : لو أنفذت مقاتله وقبلت ولاته الدية وهو حي فعلم بها فأوصي فيها ، دخلت فيها وصاياه لعلمه بها ، ولو أوصى لمعتوه نفذت الوصية لعدم التهمة لعدم القول المرشد لها ، وكذلك الصبي ، قاله أشهب ، وفي الكتاب : أوصى لامرأته في صحته ثم تزوجها ، ثم مات ، بطلت الوصية . وفي المجموعة أوصى لابنه العبد أو النصراني فعتق أو أسلم قبل الموت بطلت الوصية ؛ لأن الوصايا إنما تعتبر عند الموت . قال اللخمي : إن أوصى له بعد الجناية ولم يعلم قاتله لا شيء له ، قال ابن القاسم : إلا أن يعلم أنه علم وأوصى له بعد ذلك ، وقال محمد : إذا أوصى له بعد الجناية وهو لا يعلم نفذت الوصية ، وقاس مالك القتل على الميراث ، وهما مختلفان ؛ لأنه لو أوصى أن يورث من الدية ما جاز ، ولو أوصى لغير الوارث بثلث الدية جاز ، وتعلقهم بأن الدية تجب عليه فلا يأخذ منها لئلا يؤدي لعدم القيام بالواجب ، يبطل ، فإذا أوصى لغريمه بثلث ماله فللغريم من الدين الذي عليه ثلثه ، ولو جنى على عبد مريض فللموصى له ثلث قيمة ذلك العبد ، ولو أوصى لامرأة في صحته فتزوجها في صحته بطلت الوصية ؛ لأنها وارثة ، أو تزوجها في مرضه لم تبطل ، ولو أوصى لها في المرض وتزوجها في المرض فكذلك ؛ لأن النكاح فاسد ، وإن تزوجها في الصحة وطلقها في المرض ثم أوصى بطلت ؛ لأن الطلاق في المرض لا يبطل الميراث طلقها برضاها أم لا . قال : وأرى إن سألها أن لا ترث ولها الوصية إن كانت مثل ميراثها فأقل ، وإن كانت أكثر لم تعط الزائد لاتهامها في العمل على ذلك ، ولو وهب أخاه في مرضه هبة فقبضها ثم مات بطلت ؛ لأنه يخرج من الثلث .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية