الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 283 ] فرع

                                                                                                                قال الأبهري : قال مالك : إذا اكتريا أرضا للزرع فأراد أحدهما كراء نصيبه : فالآخر أحق به لنفي الضرر ، لا لأنه شفعة ; فإن الزرع لو كان بينهما فباع أحدهما لم يشفع الآخر ، وكذلك لو وهبت لهما ثمرة شجرة عشرين سنة حبسا عليهما فأراد أحدهما بيع نصيبه بعد الطيب ، فالآخر أولى ، ولو أجر أحدهما نصيبه من الدار لم يكن للآخر شفعة لاختصاصهما بالأصول دون المنافع ، وإنما وجبت فيما تقدم لأن الزرع يطول أمره والثمرة تتأخر مع المشتري . قال صاحب المقدمات : فيما هو متشبث بالأصول كالثمرة والزرع والكراء ورقيق الحائط إذا بيعوا معه ، والرحا إذا بيعت مع الأصل ، والماء والنقض إذا بيع دون الأصل ، فأوجبها مرة ، ومرة جعل هذه كالعروض .

                                                                                                                نظائر ، قال أبو عمران : أن الدور والأرضين تخالف الأموال في إحدى عشرة مسألة : الشفعة ، ولا يحكم على الغائب فيها ، ولا يحلف مستحقها ، وتؤخر إذا بيع مال المفلس الشهر والشهرين ، وخيارها في البيع أكثر نحو الشهرين ، وإذا بيعت يستثنى منها سكنى السنتين ، واليومان في الحيوان ، ولا ترد بالعيب اليسير ، وترد غلتها من الغاصب ، ولا تقسم في الغنائم ، ولا يبيعهما الوصي ويبيع غيرها ، ويجوز النقد في غائبها البعيد والتأجيل في خصومتها .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا بنى قوم في دار حبسا عليهم ، ثم مات أحدهم فباع بعض ورثته نصيبه من البناء ، شفع إخوته . قال صاحب النكت : معناه أن الميت الثاني أوصى بأن يملك ما بنى وأنه لم يرد الحبس ، ولو لم يوص بذلك امتنع بيع الورثة له كما قاله في كتاب ( الحبس ) فلا يتناقض قوله ، ويحتمل أن يكون الحبس عليهم [ ص: 284 ] للسكن خاصة كالتعمير ، لا حبس ، وقيل : معناه : بنى شيئا منفردا بنفسه ، ومن بنى كذلك فهو على ملكه حتى يصرح بالحبس ، والذي في كتاب الحبس معناه : بني مختلطا بالحبس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : بنى في عرصتك بإذنك ، ثم أراد الخروج فلك إعطاء قيمة النقض مقلوعا كاستحقاق القلع شرعا أو يأمره بالقلع ; فإن كانا اثنين فباع أحدهما حصته فلك أخذها بالأقل من الثمن أو القيمة ; فإن أبيت فللشريك الشفعة نفيا لضرر القسم . في التنبيهات : إن بيع مبنيا مع الأصل ففيه الشفعة اتفاقا ، وفي بيع حصته من النقض خلاف كان الأصل لهما أو لغيرهما قائما في البنيان أو نقضا ، وهما شريكان في الأصل ، وقيل : يأخذ صاحب العرصة بالثمن فقط ، وقيل : يأخذه مقلوعا بالقيمة فقط ، وقيل : يأخذه من المبتاع ، وقيل : من البائع بالأقل من قيمته مقلوعا أو الثمن ، ويفسخ البيع فيه بينه وبين المبتاع ، قال التونسي : أجاز البيع مع أن المشتري يأخذ تارة النقض وتارة قيمته ، ولهذا منع أشهب البيع كبيع بقية العبد المعتق بعضه ، والمعتق موسر قبل التقويم ; لأن المشتري لا يدري أيحصل له نصف العبد أو قيمة ؟ وقد يفرق بينهما بأن العبد لا بد من تقويمه مع يسر المعتق والنقض قد لا يرضى رب العرصة بأخذه فهو كبيع الشقص الذي له شفيع ; فإنه متردد بين المبيع وثمنه ، قال : وكيف جعل له الأخذ مع عدم شركته في النقض مع أنه قد قالوا : لو باع نقض دار على أن يقلعه فاستحقت العرصة فأراد المستحق أخذ النقض يأخذه من المشتري بالقيمة منقوضا لا بالثمن ، لأنه لا شركة في النقض ، فالأشبه أن لا يأخذ بالثمن ، ولعل المسامحة في هذا بسبب أن ثم من يأخذ بالشفعة وهو الشريك في النقض ، وهذا مقدم عليه فحل محله ، ولهذه العلة لو لم يكن معه شريك لم يشفع صاحب الأرض ، قال اللخمي : تارة يكون النقض لرجل والأرض لآخر ، وتارة تكون دار لرجل فيبيع نقضها دون أرضها ، فاختلف في بيع النقض في [ ص: 285 ] الصورتين ، ويشبه ذلك بيع شقص فيه شفعة ، وشقص عند معتق بعضه ، والمعتق موسر ، وقال ( ش ) و ( ح ) : لا شفعة في البناء والغرس إذا بيع وحده ، لأنهما يصيران من باب المنقولات كالعروض ، والفرق : أن هذه تبع لما فيه الشفعة فأعطيت حكم متبوعاتها بخلاف العروض .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية