الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : بينهما أرض ونخل لها عين فاقتسمتما الأرض والنخل ، ثم باع أحدكما نصيبه من العين ، فلا شفعة ، وكذلك البئر ، لما جاء ( لا شفعة في بئر ) وإن لم يقتسموا وباع أحدهم حصته من العين أو البئر خاصة ، أو باع حصته من العين والأرض معا ففيه الشفعة تبعا ، ويقسم شرب العين بالقلد ، وإن كان بينهما أرض ونخل فاقتسما الأرض خاصة فلا شفعة لأحدهما فيما باع الآخر من النخل لأن القسم يمنع الشفعة ، وإن اشتريت نخلة في جنان رجل فلا شفعة لرب البستان ، لأنه ليس شأنها القسم .

                                                                                                                فائدة : في التنبيهات : القلد ، بكسر القاف وسكون اللام : القدر الذي يقسم بها الماء ، قاله الأكثرون ، وقال ابن دريد : هو الحظ من الماء يقال : سقينا أرضنا قلدنا ؛ أي : حظنا ، وقال ابن قتيبة : هو سقي الزرع وقت حاجته ، وقد تقدم بسطه في كتاب القسمة .

                                                                                                                وفي النكت قال بعض الشيوخ : إنما يصلح قسم النخل دون الأرض إذا اقتسماه على التراضي مع مواضعها من الأرض ويترك ما بين النخل شائعا وإلا فلا ; لأن إفراد النخل بالقسم لا يصح في مذهبه ، قال ابن يونس : في العتبية عن مالك : الشفعة في الماء الذي يقتسمه الورثة بينهم بالأقلاد وإن لم يكونوا شركاء في الأرض والحوائط ، وأهل كل قلد يتشافعون بينهم دون أشراكهم نظرا للقسمة ، وقوله : [ ص: 286 ] اقتسما النخل دون الأرض ، يريد اقتسماه على القلع ويمتنع على البقاء إلا أن يقسم بالأرض ، إذ لو قسمت الأرض والنخل كل واحد وحده صار لكل واحد نخلة في أرض صاحبه ، وقاله ابن القاسم : قال محمد : لو قسمت النخل وحدها بلا أرض بشرط فسخ ذلك ، ولو كان بينهما نخلة فباع أحدهما نصيبه فلا شفعة ، قاله في الكتاب لأنها لا تقبل القسم ، ولو بيعت بثمرها ; لأن الثمرة تبع ، وقال عبد الملك : فيها الشفعة ، لأن جنسها فيه الشفعة ، قال اللخمي : إن باع أحدهما نصيبه من الحائط والماء صفقة فالشفعة فيهما فهي في الماء تبع لأنه من مصلحته ، أو صفقتين ، وتقدم الماء فله الشفعة فيهما أو في أحدهما ، أو تقدم الحائط وبيع الماء من غير مشتري الحائط ، شفع الحائط دون الماء لانفراده ; فإن باعه من مشتري الحائط أو استلحقه به ، قبل أخذ الأصل أو تركه ، قال محمد : كبيعهما معا فلا يأخذ أحدهما دون الآخر ويتخرج أخذه الأول دون الثاني لأنهما عقدان ، كقولهم : إذا اشترى الأصول ثم الثمار ؛ أو العبد ثم ماله ؛ أو الأرض ثم النخل : فالقياس أن يشفعهما ; لأن المشتري قصد إلحاق ذلك بالعقد ، أو يشفع الأول وحده ; لأن ذلك كان من حقه قبل شراء الماء ، فشراء الماء لا يسقط حقه ، وإذا تقدم بيع الماء خير في أخذ أحدهما منفردا لأنه بيع في حيز الشركة وفي أخذهما لأنه كالصفقة الواحدة ، وفي أخذ الحائط وحده لاستقلاله بالعقد لأنه يستحق الماء بالحائط ، ولا يستحق الحائط بالماء ، كما لا يستحق العبد بماله ، ولو بيع الحائط وحده ولم يوقف الشفيع فيترك ، ثم استلحق الماء كان للشفيع أخذ الجميع ، لأنه تعذر بعدم الماء أولا وهما يعملان على ذلك ، وإذا كان لأحدهما ربع الحائط وثلاثة أرباع الماء فباع [ ص: 287 ] الأول حصته من الحائط والماء ، فللآخر ربع الحائط وما يستحق من الشرب لأجل الثلاثة الأرباع ، لأن ثلاثة أرباع الحائط إذا سقاها صاحبها ربع الماء لم يجب على الآخر أن يسقي إلا من هذه النسبة فيكون ماء الذي له ثلاثة أرباع الحائط ثلاثة أجزاء ، ومن الآخر جزء ، وإذا باع صاحب ثلاثة أرباع الحائط شفع الآخر الجميع ، لأن جميعه شرب الجميع .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية