الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : وأما المنافع : فلا تجوز القرعة فيها عند ابن القاسم ، ولا يجبر من أباها ؛ لأن المنافع معدومة فقد لا تحصل فيعظم الغرر بالقرعة ، بل يتراضيان باستغلال العبد أو الدابة مدة ، والآخر مثلها ، وكذلك الاستخدام والركوب أو السكنى ، أو يزرع هذا مرة والآخر أخرى ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ويمتنع الاغتلال في المدة الكثيرة اتفاقا ، وجوزه مالك في اليوم ، ومنع الاستخدام فيما زاد على الشهر ، قال ابن القاسم : ويجوز أكثر من الشهر ، وخصصه محمد بمثل خمسة أيام ، وكل ذلك تحويم على الغلة ، والمنع في الكثرة ملاحظة للغرر في الحيوان ، والفرق بينه وبين الاستغلال : أن الاستغلال في معنى بيع ما لا يملك من الغلة ؛ لأنه بيع أعيان مجهولة والاستخدام بيع منافع ، وهي جائزة في المعدوم بدليل الإجارة ، هذا في التهايؤ في العين الواحدة ، أما في العينين بأن يقبل هذا عبدا وهذا عبدا أو دارا ودارا أو أرضا وأرضا يزرعها والأخرى أرض يزرعها . فعن ابن القاسم : يجوز في السكنى والزراعة دون الغلة والكراء وهو على قياس التهايؤ في الأزمان يجوز في اليوم الواحد على قول مالك ، ويمنع في الأكثر للغرر ، واستخدام العبيد والدواب يجري على الخلاف المتقدم في تهايؤ الأزمان في العين الواحدة ، وجوز [ ص: 201 ] ( ح ) الإجبار على قسم المنافع في سكنى الدار ولباس الثوب واستخدام العبد ، لما روي في مسلم ( أن امرأة وهبت نفسها للنبي - عليه السلام - فقال له رجل : زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة ، فطلب منه - عليه السلام - الصداق فقال لا أجد إلا إزاري هذا ، لها نصفه ، فقال له - عليه السلام - وما تصنع بإزارك ؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ; وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ) فدل ذلك على أن لكل واحد لبسه حالة استحقاقه ، وهو عين القسم ، وجوابه : أن الحديث لم يتعرض للإجبار ، وإنما النزاع فيه لا في توزيع اللبس .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية