الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الفصل الأول

            العنف ضد المرأة في المجال الأسري

            - تعريف العنف:

            العنف لغة:

            هو الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهـو ضـد الرفق. ويقال: عنفه تعنيفا، إذا لم يكن رفيقا في أمره، وهـو الشدة والمشقـة، وكل ما في الرفق من الخير فـفي العـنـف مـن الشر مثـلـه [1] . وقـال المصـطـفى صلى الله عليه وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه ) [2] .

            العنف اصطلاحا:

            هو ما كان ضد الآخر. وهو موجود على الأرض منذ وجود المخلوقات عليها، بين الحيوان والحيوان، ذكرا كان أو أنثى، وبين الإنسان والحيوان [3] ، [ ص: 9 ] وبين الإنسـان والإنسـان، رجلا كان أو امرأة، شابا كان أو شابة، صبيا كان أو طفلا [4] .

            وحـدد معظم باحثي علم النفس العنف على أنه أي سلوك يفضي إلى إلحاق الأذى بأحد الكائنات الحية، أو لإفساد كائنات غير حية وتحطيمها. وهذا التعريف، وإن تبناه معظم الباحثين، إنما يقف في مواجهته العـديد من التحفـظات، وأحـد هذه التحفظات يختص بضرورة التمييز بين أفعـال قد تقـود بصورة عارضة إلى أذى غير مقصود، وأفعال مقصود بها ذلك بالفعل [5] .

            وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إعلانها العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الصادر عام 1993م.، في مادته الأولى، أن العنف هو: "أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس، ينجم عنه، أو يحتمل أن ينجم عنه، أذى أو معاناة بدنيين أو جنسيين أو نفسيين للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أم الخاصة". [ ص: 10 ]

            ويشمـل العنـف في هـذا الإعـلان: الإيذاء البدني والجنسي والنفسي، بما في ذلك التهديد، ويعتبر هذا التعريف حرمان المرأة التعسفي من الحرية في حياتـها المنزلية أو نشاطها الاجتماعي العام شكلا من أشكال العنف [6] .

            فالعنف إذا هو سلوك يتسم بالإساءة، ويشير بصفة عامة إلى استخدام القوة، التي تسبب الضرر والأذى من قبل شخـص تجـاه شخـص آخر. وهـو أحـد مظـاهر السلوك المنحرف، الذي عرفته المجتمعات البشرية على مر العصور، وصـولا إلى هذه الأيام. وهـذا السـلوك هو نتـاج مجموعة من العوامل والظروف الاجتماعية، التي تظهر في مجتمع ما في فترات زمنية معينة، مما يدل على وجود خلل ما في بناء ذلك المجتمع [7] ، أو في وظائف [ ص: 11 ] وحداته ونظمه ومؤسساته المختلفة؛ وقد امتدت مظاهر العنف لتصل إلى أهم نواة في المجتمع، ألا وهي الأسرة [8] .

            وبصورة عامة، فإن العنف يمثل ثلاث مجموعات أساسية في المجتمع البشري [9] ، هي:

            1- المجموعة الأولى: شهوة السلطة، ومنها: الحسد السياسي، رئاسات، ولاية حكم، رئاسة جمعية، مركز اجتماعي. [ ص: 12 ]

            2- المجمـوعة الثانية: الصـراعات حـول الثروة والشؤون المالية، ومنهـا: ملـكية الأرض، والوـكالات، والإرث، والعنصرية كعنف البيض ضد السود [10] .

            3- المجموعة الثالثة: الأشياء المتعلقة بالحب والجنس، من الزواج والأولاد وما شابه ذلك مما يتعلق بالشؤون الأسرية، والأخذ بالثأر [11] .

            ويولد هذا النوع من العنف في ظروف الحياة المعاشة في ظل مناخ ثقافي له ذاتية ثقافية معينة تغرس في نفـوس أعضـاء مجتمـع هذا المناخ المـحـلي، مهما كان مستوى تعليمهم أو إمكاناتهم الاجتماعية، ذكورا كانوا أو إناثا، قيم ظاهرة الأخذ بالثأر، فيتمثلونها وهم أطفال ويعيشون بها ولها، وإذا اختارت إحـدى الجمـاعات (العائلات الكبيرة) أحـد أعضائها لارتكاب ما تمليه عليه من جرائم قـام بذلك، وعنـدما يفعـل من اختـير ما أمر به فإن قيمه، التي نفذ بها الجريمة لم تتعارض مع قيم مجتمعه المحلي؛ لأنه جزء من هذا المجتمع، وإن اعتبرت هذه الجريمة خرقا لقانون العقوبات... لذلك فإن القضاة، الذين يحاكمون الجاني يأخذون في الاعتبار عادة ما يمثله من قيم يعيش بها [12] . [ ص: 13 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية