الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            عنف المرأة في المجال الأسري

            الأستاذة الدكتورة / حنان قرقوتي

            تخفيف حدة العنف لدى الأطفال باتباع أسلوب السماحة المرشدة:

            إن من شأن معايشة الطفل في محيط أسرته لأسلوب السماحة المرشدة أن يقلص لديه إمكانية الالتجاء إلى السلوك العدواني، حيث لا تعود هناك حاجة إليه، لأن هذا الأسلوب من التنشئة يتمثله الآباء القادرون على فرض [ ص: 127 ] ضوابط معقولة على أطفالهم وفي إطار من التوجيه. فضلا عن حرص هذا النوع من الآباء على تنمية عدد من السمات الإيجابية لدى أطفالهم، مثل ممارسة الاستقلال والتفاعل الإيجابي مع الآخرين، سواء أكانوا أطفالا أم كبارا في السن، ومن أبرز صور التفاعل الإيجابي الأخذ والعطاء المتبادلين، والإحساس بمشاعر الآخرين.

            كما أن من شأن هذه المعايشة لهذا الأسلوب أن تقلص لدى الأطفال كثيرا من الظـواهر النفسية غير السوية، مثل التوتر والقلق والإحباط، بمعانيها المتطرفة، ويرجع هذا الأمر إلى الدور، الذي يمارسه الآباء في طمأنة الطفل، وبتقلص هذه الظواهر النفسية تتقلص احتمالات السلوك العدواني عند الأبناء.

            ومن الواضح أن المقصود بالسماحة ليس التساهل، فمن شأن التساهل أن يساعد على تكرار السلوك، ولأن التساهل بمثابة تصديق على إمكانية حدوث السلوك وتصديق على قبوله [1] .

            ويترتب على أساليب التنشئة والتربية الخاطئة أن يتصرف الطفل بأسلوب خاطئ كبير، فتربية أبويه غير السليمة له تؤدي إلى نشوئه ضعيف الشخصية، أو عكسيا، فينشأ عنيفا بصورة واضحة، ويسيطر عليه هذا الأمر فيما بعد. ويمكن ملاحظة سيطرة السلوك العنفي عند الطفل من [ ص: 128 ] خلال تعامله في المدرسة عندما يضرب من قبل زميل له، حيث يقول له الأب، أو الأم، أو إدارة المدرسة، أحيانا: "خذ حقك بيدك"، (بدلا من الاستفسار منه عما حصل، وتوجيهه إلى معالجة الموضوع بالحكمة والرشد)، فيتعلم هذا الطفل، الذي أخذ حقه بيده عدم احترام القوانين والحقوق والواجبات خلال حياته [2] .

            نموذج من التعليم بالقدوة والصحة النفسية للطفل:

            كانت المعلمة تستعد لإلقاء درس في روضة من رياض الأطفال عن الضفدعة، وكانت هي تخاف الضفادع، ولكنها تشجعت وأخذت معها ضفدعة في صندوق صغير، ولما فتحته قفزت الضفدعة ففزعت المعلمة وصرخت، فصرخ كثير من الأولاد والبنات، ورفض معظمهم بعد ذلك أن يقربوا الضفادع.

            وهكذا تعلم الأطفال بالقدوة أن يخافوا من الضفدعة، فحالة الفزع انتقلت إلى الأطفال عن طريق المشاركة الوجدانية، وبفعل إيحاء سلوك شـخص له مـكانته في نظرهم هو المعلمة، وانتقلت إليهم فكرة أن الضفـدعـة حيـوان مخيـف. وهنـاك كثير من المخـاوف الشـاذة المشابـهة، التي تنتـقل إلى الأطـفـال عن طريق التقـليد، وخاصة تقليد الأم، كالخوف [ ص: 129 ] من الأشخاص الغرباء، أو من الحشرات البيتية والبرية، أو من الحيوانات الأليفة والبرية [3] .

            وبقدر ما تكون تربية الأبناء قائمة على حسن التصرف أمامهم، بقدر ما تكون تنشئتـهم سـوية وبعيدة عن العنف وعن آثار المشاكل النفسية، التي هم في غنى عنها والتي يسببها سوء التصرف أمامهم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية