الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            اقتراحات لتفادي العنف الأسري وغير الأسري:

            إن ظاهرة العنف هي نتيجة معطيات كثيرة أدت إلى إفراز أجيال مضطربة تهاب الغد وتنفس عن هواجسها بأساليب عنفية [1] .

            وللتخفيف من حدة هذا العنف وانتشاره في المجتمع ككل يجب:

            1- تعزيز ظاهرة الرقابة الذاتية أو ما يسمى (تقوى الله). [ ص: 131 ]

            2- تعزيز الإشـباع الديني للحد من الانغماس في الملذات الحسـية، التي أدت إلى استغلال آدمية الإنسان وطحن قيمه في طاحونة المصالح.

            3- تعزيز الإيمان في النفوس.

            4- تعزيز وجود القدوة الصالحة، بتحسين سلوك الآباء والأمهات أمام الأبناء في محيط الأسرة وفي المجتمع؛ كونهما قدوة لهم، وبواسطة التوعية الاجتماعية العامة، ليكتسب الأبناء المعايير الأخلاقية السليمة للتعامل مع الآخرين، بحيث يظهرون الرفض وعدم الرضا عند حدوث سلوكيات مغايرة للمعايير الأخلاقية من قبل الآخرين.

            5- تعزيز دور الأجهزة الاجتماعية لحماية الأسر في المجتمع عبر تكثيف جهودها للكشف عن الأسر المعرضة للتفكك والتصدع، والبحث عن الأسباب والظروف المحيطة بها والمسببة للتفكك والتصدع، ومد يد العون لإنقاذها. وهذا الأمر يتطلب الإكثار من مراكز التوجيه الأسري، ورفع مستوى الخدمات، التي تقدمها هذه المراكز، وتأهيل متخصصين للقيام بهذه الخدمات [2] ؛ لأن الأسر، التي تتعرض للعنف أو للتفكك الأسري لا يمكن لأفرادها إلا أن يسيئوا لغيرهم كما أسيء لهم؛ لأنهم تربوا على ظاهرة العنف. والمعروف أن "فاقد الشيء لا يعطيه"، فأفراد الأسر، الذين لم يتربوا على الأمان لا يمكن لهم أن يؤمنوا الأمان لغيرهم إلا في حالات نادرة، [ ص: 132 ] وكذلك أفراد الأسر، الـذين تربوا في عائـلات مفـكـكة، والتاريـخ يعيد نفسه مع تـجـدد الأسر إلا إذا قدر الله لهؤلاء من يأخذ بأيديهم ويعينهم على تجاوز المحن [3] .

            6- العمل على التخفيف من انتشار ثقافة العنف، بإيجاد بديل عن البرامج العنيفة والمنحلة على شاشات التلفزة المحلية والفضائية، بما في ذلك تعزيز برامج الأطفال بالقيم بدلا من البرامج المستوردة المشوهة للقيم.

            7- العمل على إعداد محاضرات وندوات ودورات تثقيفية توعوية موجهة للقائمين على التربية في مجتمعي الأهل والمدرسة.

            8- مراقبة سلوك الأطفال أثناء اللعب، والتدخل عند حدوث مشـاكسـات؛ لأن سـلوك الطـفل يصـدر عن سـلوكه البـيـتي وعن القيـم، التي يحملها [4] . [ ص: 133 ]

            9- العمل على إيجاد نوع من العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع أفراد المجتمع بمحاربة الفقر والبطالة، وحل مشكلات الإسكان، والقضاء على الأمية والجهل أينما وجدا، والعناية بالوضع الصحي لجميع أفراد المجتمع، ولا يكون ذلك إلا ضمن استراتيجيات عامة بعيدة المدى يتطلب تحقيقها إجراء تغييرات جذرية في مجمل النظام الاجتماعي، الأمر الذي قد يحتاج إلى آماد طويلة من الزمن [5] .

            10- إظهار تسامح الأهل مع مواقف الأبناء المغايرة لما يريدونه منهم.

            11- التخفيف من التداخل والتشابك في العلاقات بين عناصر الأسرة، بما يسمح بتخطي انعكاسات مواقف الأبناء المغايرة لمواقف الأهل على سير الحياة الطبيعية والعادية في الأسرة.

            12- عدم التمادي في التقييم الأخلاقي للأبناء من قبل آبائهم، فالابن الـعاق يمكن ألا يكون عاقا بشكل موضوعي إذا ما غير الأهل طريقة تعاملهم معه ونظرتهم إليه؛ لأنه قد يتحول حينئذ من ابن عاق إلى ابن بار [6] . [ ص: 134 ]

            وفي الختام:

            لا بد من التذكير بوصية الله سبحانه وتعالى لعباده، فقد قال تعالى: ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) (الإسراء:53)، فهذه الآية هي من أكبر الوصـايا، التي يـجـب أن يراعيـها الآبـاء، والأبناء، والضرائر، والحموات، في التعامل مع بعضهم بعضا، ليكون العدل هو أساس التعامل استجابة للآية الكريمة، التي تقول: ( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) (المائدة:8). [ ص: 135 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية