الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            1- عنف الأم مع ابنتها:

            هناك أسباب كثيرة تدفـع الأم لتعنيف ابنتـها، ولا يمـكن إحصاؤها في هذه العجالة، وكثير منها يغلف بمفهوم التربية، إلا أن الأم تعنف ابنتها، عادة، لتصرفات لا ترضى عنها، من ذلك: [ ص: 33 ]

            1- رفـض البنـت الزواج مـن الرجـل المتقدم لخـطبـتـهـا مع رضى الأم والأسرة.

            2- ضرب البنت بسبب تصرف ما تكون منه براء، كالتكلم مع غرباء دفعتها الحاجة الملحة للتكلم معهم، أو شتمها وضربها في فترة المراهقة الأولى لأن ابن الجيران نظر إليها نظرة إعجاب مثلا، أو شتم وضرب الابنة "فشة خلق" كما يقـول المثل؛ لأن أحـد الإخـوة ترك البيت نتيجة العنف البيتي وما شابه، أي ضربها بدلا عن غائب.

            3- العنف الصامت، ويتمثل بعدم الكلام مع الابنة كدليل على عنف معنوي إزاء تصرف ما [1] .

            4- نشوء البنت بعيدا عن حضن الأم في مؤسسة رعائية، وسعيها، بعد خروجها من المؤسسة وعودتها إلى البيت، للحصول على حنان أمها. ولكنها بدلا من ذلك تسمع تعنيفا مستمرا وألفاظا غير لائقة؛ لأن الأم اعتادت على بعدها عنها فضعفت عندها رابطة الأمومة مع ابنتها، وتستمر هذه اللامبالاة من الأم حتى بعد زواج ابنتها واستقلالها عنها.

            5- العنف الحركي في التصرف، كتبديل الأم قنوات التلفاز بشكل مستمر لمنع البنت من مشاهدة ما تحب من برامج، إلخ.. [ ص: 34 ]

            6- ضرب الطفلة كلما بكت وهي في عمر السنتين، مع إطفاء نار السجائر في جسمها الطري أحيانا، وإجابة الأم إذا ما سألها أحد عن تلك الحروق بالقول: "إنها حساسية".

            7- لجوء الأم في كثير من الأحيان إلى استخدام الوسائل العقابية والعنف تجاه الأولاد كتعبير عن عدم الرضا والغضب من الزوج، ويصبح الأولاد في هذه الحالة "كبش المحرقة" أو وسيلة لتنفيس الغضب. وهذا التصرف يشعر الأطفـال بأنهم مرفوضون، وأنهم سبب النزاع بين الوالدين، مما يجعلهم يعيشون في حالة من الصراع الداخلي، الذي قد يؤدي إلى تولد شعور بالتمرد والعصيان، وإلى اتخاذ سلوك عدواني كوسيلة للتعبير عن الانتقام من الأم أو من الوالدين ومكايدتهم لما يعانونه من الضغط النفسي بسببهم. وقد يتحول الغيظ وكبت المشاعر السلبية إلى انفعالات حادة مؤذية تجاه الآخرين قد تبلغ حد الانحراف [2] وارتكاب الجرائم [3] . [ ص: 35 ]

            8- تـهميش البنت وما تقـابلـه من متاعب في حياتـها بعدم الاستمـاع إلى مشكلاتـها، خـاصـة في فترة المراهقـة، مما قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه [4] .

            وتؤكد دراسات عديدة حول انـحرافات الشبـاب، أن فشـل الآباء في التحـكم في درجـة امتثال المراهقـين لقواعد الأسرة، وفي إدمـاجـهم في مناقشة مشكلاتهم، وتحقيق درجة من الانضباط، يؤدي إلى مزيد من الرغبة في كسر القواعد، ومن ثم ظهور السلوك المنحرف، الذي قد يرتبط بدرجة من العنف أو السلوك اللا اجتماعي بشكل عام. ومن ناحية أخرى فإن المبالغة في الضبط والتحكم والرقابة تسبب مشكلات من أنواع مختلفة، والتي من أهمها الاكتئاب، الذي قد يدفع إلى الانتحار، وهو أقسى درجات العنف بطبيعة الحال [5] .

            9- تضييق الخناق على حرية البنت بشكل كبير (من باب سد الذرائع للمحافظة على العرض)، وحرمانها من التواصل والتفاعل مع العالم المحيط بـها، والحد من انخراطها في المجتمع وممارستها لأدوارها المناسبة لكل مرحلة من عمرها. [ ص: 36 ]

            10- ترك الأم لمنزل الزوجية، والتخلي عن أبنائها في سن يكونون فيه في أشد الحاجة لحنانها ورعايتها [6] .

            ويشمل عنف الأم تجاه بناتها عنفها تجاه طفلتها الجنين أو حديثة الولادة، ومن ذلك:

            1- سعـي المـرأة لإجهـاض جنـينـها لعـدم رغبتـها به، وذلك عـبر تنـاول عقاقير طبية تكون قد سمعت عنها، أو باستعمال رياضة عنيفة، أو حمل أشياء ثقيلة، أو قد تلجـأ إلى من يـجهـضها من الأطباء أو القابلات.

            ويعود سبب التخلي عن الجنين إلى أمور عديدة، منها:

            أ- كون الجنين ثمرة زنا، أو زواج متعة، أو زواج سري لم يرد إفشاؤه.

            ب- سعي الزوجة الأم، في حال النزاع الشديد بين الزوجين، إلى إسقاط الجنين، خاصة عندما يكون جنينها الأول، لمنع وجود أي رابط يربطها بزوجها.

            ج- الضيق الاقتصادي والجهل بأن الرزاق هو الله تعالى القائل: ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ) (الإسراء:31). [ ص: 37 ]

            د- التذرع بأن عدد أفراد الأسرة كبير [7] .

            هـ- التذرع بضيق الوقت المخصص للتربية من جهة الوالدين.

            و- اتباع الموضة من حيث الحفاظ على شكل جسم الأم، والاعتقاد بأن كثرة الأولاد تتسبب بترهل الجسم قبل أوانه، وما شابه.

            2 - عنف الأم تجاه طفلتها حديثة الولادة، ويتمثل ذلك في طرق عدة، منها:

            أ- التخلي عن طفلتها عقب الولادة مباشرة، لكونها ثمرة زنا، عبر وضعها سرا في أمكنة عامة، أو لكونها مصابة بإعاقة دائمة، كالشلل والعمى وما شابه، أو بإعاقة فكرية (منغولية). وإذا لم يعثر عليها أحد ويلتقطها يكون نصيبها الموت، كما حصل مؤخرا في إحدى المدن اللبنانية، حيث عثر على طفلة لفظت أنفاسها في مكب للنفايات. وكثيرا ما يتعرض هؤلاء الأطفال إلى فقد بعض أعضائهم، كذاك الطفل، الذي أكل جرذ إحدى أذنيه قبل أن يعثر عليه. وإذا قدر الله الحياة للمولود ألحق بدار رعاية للأطفال لتتولى رعايته وتنشئته [8] . [ ص: 38 ]

            ب- عدم رؤية الوليدة عقب الولادة مباشرة انتقاما من الأب، في حال الخصام الشديد بين الزوجين.

            ج- تأجير الأرحام وبيع الوليدة عقب الولادة مباشرة [9] .

            د- التخلي عن الطفلة ورميها في الشارع في عمر السنتين بسبب شجار الأم مع الأب.

            هـ- قتل الطفلة بعد ضربها كفشة خلق نتيجة نزاع شديد بين الأبوين، كرميها من مكان شاهق مثلا وهي لم تتجاوز السنة من عمرها [10] . [ ص: 39 ]

            وبالإضافة لما سبق، فإنه توجد أشكال أخرى من عنف الأم تجاه أطفالها، ومن ذلك:

            1- الإهمـال: يتمثـل الإهمـال في إهمال رعـاية الطفـلـة صحـيـا، أو عدم الاهـتـمـام بتغذيتـها أو تعليمها أو عدم تلبية حاجتها إلى العطف والحنان [11] .

            2- الحمـاية الزائدة: تتمثل الحمـاية الزائدة بفرض الأوامر، والتشدد في الطلبات الموجهة للطفلة بحجة الخوف عليها وحمايتها من الأخطاء المختلفة، مما يؤثر سلبا على نمو شخصيتها المستقلة





            [12] . [ ص: 40 ]

            3- رفض وجـود الطـفـلـة في الأسرة: ينطـلـق رفض وجـود الطفـلـة في الأسـرة من اعتبارها زائـدة غـير مرغـوب فيـها، أو رفـض ولادتها كأنثى أو ما شابه.

            4- فرض الـعـقـوبات: تعاقب الأم الطفـلـة، التي لا تلبي أوامـرها، ممـا يـتـسـبـب بشـعـورها بالإحـبـاط، ويـعـيـق نـمـوهـا العـقـلـي والاجـتـمـاعي السليم.

            5- العنف الصحي: يتمثل العنـف الصحي في تجـويع الطـفـلـة، وفي إلباسـها مـلابس غـير مناسبـة لطبيعـة الطقـس، الذي تعيش فيه، مما يتسبب في أن تكون بنية الطفلة بنية هزيلة [13] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية