الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يبتاع الطعام جزافا فيستلف قبل أن يقبضه أو يستهلكه البائع قلت : أرأيت إن اشتريت طعاما مصبرا اشتريت الصبرة كلها ، كل قفيز بدرهم فهلك الطعام قبل أن أكتاله ، من مصيبته ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : مصيبته من البائع . [ ص: 140 ] قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن بايعته الصبرة جزافا فضاعت ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ضياعها من المشتري إذا اشتراها جزافا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : من ابتاع طعاما جزافا صبرة فإن تلفت قبل أن يقبضها فإن مصيبتها من المشتري قال : فإن كان الذي باعها هو الذي استهلكها فعليه قيمتها من الذهب والفضة لأن مالكا قال لي : من استهلك صبرة طعام فعليه قيمتها من الذهب والفضة .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن كان غيره استهلكها فعلى الذي استهلكها قيمتها من الذهب والفضة وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن اشترى صبرة طعام كل قفيز بدرهمين فأصابها أمر من السماء فتلفت رد البائع على المشتري الدراهم وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : ولو كان البائع هو الذي أتلفها فعليه أن يأتي بطعام مثله حتى يوفيه المشتري بما شرط له من الطعام وهذا قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : ويتحرى الصبرة فيأتي بطعام مثله فيكيله للمشتري .

                                                                                                                                                                                      قال : وفرق مالك بين الصبرة جزافا وبينها إذا بيعت كيلا .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت هذه الصبرة التي باعها صاحبها كيلا إن تعدى عليها رجل فاستهلكها قبل أن يكيلها المشتري ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى للبائع القيمة على الذي استهلك الصبرة وأرى أن يشتري بالقيمة طعاما ثم يكيله البائع للمشتري على شرطهما وذلك لأنه لو عرف كيلها لغرم كيلها المتعدي وكان للمشتري أن يقبضه على ما اشترى فلما لم يعرف كيلها وأخذ مكان الطعام القيمة اشترى له طعاما بتلك القيمة فأخذه المشتري على ما اشترى . قلت : ولا يخشى أن يكون هاهنا بيع الطعام قبل أن يستوفى ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا لأن التعدي إنما وقع هاهنا على البائع ألا ترى أنه لو عرف كيله لكان التعدي على المشتري .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية