الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      باب في الصغير والعبد يؤاجران أنفسهم بغير إذن الأولياء قلت : أرأيت لو أن صبيا آجر نفسه وهو صغير بغير إذن وليه أتجوز هذه الإجارة أم لا ؟ قال : لا تجوز الإجارة .

                                                                                                                                                                                      قلت له : فإن عمل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : له الأجر الذي سمى له إلا أن تكون الإجارة إجارة مثله أكثر فيكون له إجارة مثله .

                                                                                                                                                                                      قلت : وكذلك العبد المحجور عليه ؟ قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أتحفظه عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ولكنه مثل قول مالك في الدابة إذا تعدى عليها أو غصبها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن عطب الصبي أو الغلام ماذا على المستأجر ؟ قال : إذا استعملهما عملا [ ص: 441 ] يعطبان فيه فهو ضامن لقيمة العبد يوم استعمله أو الكراء ، وسيد العبد مخير في ذلك إن شاء أخذ الكراء ولا شيء له من قيمة العبد ، وإن شاء أخذ قيمة العبد بالغة ما بلغت ولا شيء له من الكراء ، وأما في الصبي الحر فعلى المتكاري أجر ما عمل الصبي الأجر الذي سميا إلا أن يكون أجر مثله أكثر مما سمياه ، وتكون على عاقلته الدية لأن الحر في هذا ليس بمنزلة العبد لأن الحر لا تخير ورثته كما يخير سيد العبد لأن العبد سلعة من السلع والحر ليس بسلعة من السلع ، لأن الدية لازمة في الحر على كل حال وهي السنة أن الدية لازمة سحنون .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وقال مالك في العبيد يستأجرون : ليس على من استأجرهم ضمان ما أصابهم وإن قال سادات العبيد : لم نأمرهم أن يؤاجروا أنفسهم إلا أن يستأجر عبد في عمل مخوف على وجه الغرر يزيده في إجارته أضعافا ، من ذلك البئر تكون فيه الحمأة والهدم من تحت الجدران وما أشبهه ، فالذي استأجره على هذا هو ضامن للعبد إذا كان بغير إذن سيده وهو الأمر عندنا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وقال مالك : ومن استعمل عبدا عملا شديدا فيه غرر بغير إذن أهله فعمله فعليه فيه الضمان إن أصيب وإن كان العبد قد أرسل في الإجارة وذلك ; لأنه إنما أذن له من الإجارة فيما تجري فيه الأعمال وتؤمن فيه البلايا ، ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك ، وإن خرج به سفرا بغير إذن سيده فهو ضامن له .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : قال يونس ، قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : يضمن العبد فيما استعين عليه من أمر ينبغي في مثله الإجارة وكل من استأجر عبدا في غرر الإجارة فيما يخشى منه التلف فعليه الضمان وإن كان العبد قد أرسل في الإجارة ، وذلك لأنه إنما أذن له من الإجارة فيما تجري فيه الأعمال وتؤمن فيه البلايا ، ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك ، وأما كبير حر فلا نعلم فيه شيئا إلا أن يستغفل أو يستجهل أو يقرب له أشياء فيما لا يعلم منه ما يعلم الذي قرب له فيه . قال : ومن استأجر عبد قوم فإن كان غلاما يؤاجر نفسه فخرج به سفرا بغير إذن سيده فهو ضامن ؟ قال : وكل من استعان غلاما لم يبلغ الحلم فيما ينبغي له في مثله الإجارة ، فهو لما أصابه ضامن . قال : وما كان من صبي أو عبد استعين بهما فيما لا ينبغي فيه الإجارة كالرجل يقول ناولني نعلي أو ناولني قدحا وكأشباه ذلك فليس في هذا عقل .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية