الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            معالم تجديد المنهج الفقهي (أنموذج الشوكاني)

            حليمة بوكروشة

            المطلب الثالث: أخذ كل فن من الفنون عن أهله

            من مقتضيات البحث الفقهي السليم عند الشوكاني : أخذ كل فن من الفنون عن أهله؛ ذلك أن أخذ العلوم عن غير أهلها مخالف لمقتضيات الإنصاف، وهو ما أوضحه بقوله: «لأن إنصاف الرجال لا يتم حتى يؤخذ كل فن عن أهله، كائنا من كان، فإنه لو ذهب العالم الذي قد تأهل للاجتهاد يأخذ مثلا الحديث عن أهله، ثم يريد أن يأخذ ما يتعلق بتفسيره في اللغة عنهم، كان مخطئا في أخذ المدلول اللغوي عنهم، وهكذا أخذ المعنى الإعرابي عنهم، فإنه خطأ، بل يأخذ الحديث عن أئمته بعد أن يكشف عن سنده، وحال رواته، ثم إذا احتاج إلى معرفة ما يتعلق بذلك [ ص: 200 ] الحديث من الغريب رجع إلى الكتب المدونة في غريب الحديث، وكذا سائر كتب اللغة المدونة في الغريب وغيره. وإذا احتاج إلى معرفة بنية كلماته رجع إلى علم الصرف، وإذا احتاج إلى معرفة إعراب أواخر كلمة رجع إلى علم النحو، وإذا أراد الاطلاع على ما في الحديث من دقائق العربية وأسرارها رجع إلى علم المعاني والبيان. وإذا أراد أن يسلك طريقة الجمع والترجيح بينه وبين غيره رجع إلى علم أصول الفقه. فالعالم إذا صنع ظفر بالحق من أبوابه، ودخل إلى الإنصاف بأقوى أسبابه، وأما من أخذ العلم عن غير أهله، ورجح ما يجده من الكلام لأهل العلم في فنون ليسوا من أهلها، وأعرض عن كلام أهلها، فإنه يخبط ويخلط، ويأتي من الأقوال والترجيحات بما هـو في أبعد درجات الإنصاف» [1] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية