المسألة الأولى: الحقوق المتعلقة بالمال:
يقرر الجويني أن الحقوق المالية إما أن تكون حقوقا خاصة بأشخاص معينين، وإما أن تكون حقوقا عامة؛ والقاعدة في الحقوق المالية الخاصة: أن ما علم وجوبه حكم به، وما لم يعلم وجـوبه، فالأصل فيه براءة الذمة. فلو علم رجل أن لإنسان عليه دينا، والتبس عليه عين ذلك الإنسان، ثم جاء من يدعي ذلك الدين، فلا يجب اعتبار دعواه؛ لأنه لو أجيب فلربما جاء آخر [ ص: 134 ] وادعى دعوى المدعي الأول، وهكذا تطرد الدعاوى إلى ما لا نهاية، فكان الاستمساك بالبراءة الأصلية هو الأصل.
هذا إذا كانت تفاصيل الشريعة معلومة؛ أما إذا كانت تلك التفاصيل مجهولة، فالقاعدة الكلية في ذلك "نفي الوجوب فيما لم يقم دليل على وجوبه، وارتفاع الحرج فيما لم يثبت فيه حظر" [1] .