الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                فقه السياسة الشرعية (الجويني أنموذجا)

                الدكتور / عمر أنور الزبداني

                ثالثا: الإمام غير المستوفي لشروط الإمامة عليه مراجعة العلماء:

                يفترض الجويني صورة حاصلها: أنه إذا لم نجد من هو مستوف لشروط الإمامة، لكن وجدنا ذا كفاية يقوم بأمر الأمة، فينبغي أن يولى الأمر، لكن عليه ألا يستبد بالأمر بنفسه من غير رجوع إلى أهل العلم، بل عليه الرجوع إليهم فيما يصادفه من مشكلات، وما ينزل بالأمة من نوازل. وبحسب تعبير الجويني، فإنه "لو لم نجد من يتصدى للإمامة في الدين، ولكن صادفنا شهما ذا نجدة وكفاية واستقلال بعظائم الأمور ... فيتعين نصبه في أمور الدين والدنيا، وتنفذ أحكامه، كما تنفذ أحكام الإمام الموصوف بخلال الكمال، المرعي في منصـب الإمـامة. وأئمة الدين وراء إرشاده وتسديده، وتبين ما يشكل في الواقعة من أحكام الشرع".

                والأمر المهم هنا، أن الجويني في تأصيله لمسائل السياسة الشرعية ناظر دوما لما فيه مصلحة الأمة، جلبا ودفعا، وتحصيلا ودرءا؛ ففي مسألتنا هذه، ومع أن المتولي لأمر الأمة غير مستوف لشروط الولاية، لكنه ما دام محققا لمصلحة الأمة فلا حرج من قيامه بمقاليد الأمور، لكن ليس على وجه الانفراد والاستبداد، بل على وجه المشاورة والمحاورة؛ وذلك أن "جمع الناس على كاف، يستفتي فيما يسنح ويعن من المشكلات، أولى من تركهم سدى، متهاوين على الورطات، متعرضين للتغالب والتواثب وضروب الآفات" [1] ، وفقه الموازنة والترجيح وفق الأوفق لمصلحة الأمة ليس يخفى هنا. [ ص: 116 ]

                التالي السابق


                الخدمات العلمية