الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                فقه السياسة الشرعية (الجويني أنموذجا)

                الدكتور / عمر أنور الزبداني

                المطلب الرابع: دعائم ومكونات الدعوة:

                يقرر الجويني أن إقامة الدين والدعوة إليه، تستند إلى دعامتين أساسيتين: المال، والرجال. ويعبر عن هاتين الدعامتين بقوله: "فإن عماد الدولة الرجال، وقوامهم الأموال".

                فالرجال القائمون بأمر الجهاد هم من يحفظ بهم الدين والديار؛ وتكون كفايتهم ماليا من أهم الأمور التي ينبغي على الإمام الاعتناء بها. وهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا من المتطوعين، الذين لا ينهضون للمهمات وقت الحاجة، بل لا بد أن يكونوا جنودا نظاميين، متفرغين للقيام بواجب الدعوة، وحفظ البلاد من كل اعتداء، وأن يختاروا من الذين لا تلهيهم الدنيا عن الآخرة. ولا بد لتدبير أمرهم من إنشاء ديوان خاص بهم، يعرف بـ (ديوان الجند)، يضبط أسماءهم وأحوالهم، ويعين مراتبهم، ويبين طبيعة وظائفهم، [ ص: 163 ] ويحدد مقدار رواتبهم، بحيث "يصرف إليهم ما يرم خلتهم، ويسد حاجتهم، ويستعفوا عن وجوه المكاسب والمطالب، ويتهيؤوا لما رشحوا له".

                ويقسم الإمام الجنود النظاميين على أصناف، ويرتبهم على مهام، فيخصص قسما "لنفض حريم البلاد عن المتلصصين"، وقسما "لردع النابغين من أهل الفساد ... ومنهم مرتبون في مرابطة الحصون والقلاع. وآخرون في المضايق والمراصد. والنجدة الكبرى محتفون بالإمام وبأمراء الأجناد في البلاد".

                أما بخصوص دعامة المال، فيذكر الجويني أن به يكون قوام الرجال القائمين على أمر الدعوة، فلا بد من الاستعداد بالأموال؛ إذ الاستعداد بالمال بمنـزلة إعداد الرجال، فهو إحدى العدتين [1] .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية