الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                فقه السياسة الشرعية (الجويني أنموذجا)

                الدكتور / عمر أنور الزبداني

                المسألة السادسة: إيرادات الدولة الإسلامية ومداخلها:

                المستـفـاد من كلام الجوينـي، أن إيرادات الدولة الإسـلامية تتحصل بأمرين:

                الأول: إيرادات ثابتة، تتمثل في أموال الزكاة، والصدقات، والمغانم، وأموال الفيء، وأموال الخراج، والعشور، والجزية.

                الثاني: إيرادات غير ثابتة، تتمثل في الأموال الضائعة التي يئس من معرفة ملاكها، وأموال من فارقوا الحياة، ولم يخلفوا وارثا، والأموال الموظفة على الأغنياء وقت الحاجات.

                ويشير الجويني هنا إلى أمر مهم، حاصله "أن معظـم أموال بيت المال مما تحويه أيدي المسلمين من أموال الكافرين، فإذا انقطع الجهاد، انقطع بانقطاعه وجوه الأموال التي تنصب إلى بيت المال، ويتداعى ذلك إلى اختلال وانحلال". ويقرر أيضا، أن أمر الجهاد إذا كان مستمرا "فالوجوه التي تنتظم الأموال غير منحسمة، والأحوال متسقة منتظمة". وعلى الرغم من ربط الجويني بين استمرار الجهاد وبين استقرار بيت المال، إلا أنه يؤكد على أن "المغانم في وضع الشرع ليست مقصودة، فإن الغرض التجرد للجهاد إعلاء لكلمة الله، وحياطة الملة، والمغانم ليست معمودة مقصودة".

                ويبين الجويني أنه ليس من الصواب الاعتماد في تمويل بيت المال على توقع المغانم؛ لأن أمر تحصيلها ليس أمرا مستقرا على ممر الأيام، وليس طريقا مطردا في كل الأحوال؛ إذ هي أشبه بمن يعتمد في تحصيل رزقه، وتدبير [ ص: 140 ] معيشته على الصيد. وإن اتفق وحصلت تلك الغنائم، فالغالب أنها لا تفي بحاجات بيت المال؛ فكان المطلوب البحث عن سبل أخرى لتأمين احتياجات بيت المال [1] .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية