الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                فقه السياسة الشرعية (الجويني أنموذجا)

                الدكتور / عمر أنور الزبداني

                المسألة الثالثة عشرة: كيف يأخذ الإمام الأموال من الأغنياء:

                يذكر الجويني أنه إذا كانت أحكام الشريعة متناهية، والوقائع الحياتية غير متناهية، كان الاجتهاد فيما يستجد من وقائع حياتية أمرا متعينا. والصحابة، رضي الله عنهم، قد اجتهدوا في وقائع لم يجدوا فيها نصا، فأعملوا الفكر والرأي، واستنبطوا من الأحكام ما يستجيب لحاجات واقعهم وفق سنن الشرع. وتصرفات الإمام ينبغي أن لا تخرج بحال عن ضبط الشرع وسننه. يفترض الجويني هنا حالتين:

                الأولى: أن لا يكون للناس إمام يرجعون إليه، والحكم في هذه الحالة يدخل في باب فروض الكفايات، فلا يتعين الفرض في حق أحد بعينه من الأغنياء، بل يتعين في حق جميع القادرين عليه، فإذا قام به البعض سقط عن الجميع، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع.

                الثانية: أن يكون للمسـلمين إمـام يصدرون عن أمره، والحكم في هذه الحالة: أن الإمام إذا عين طائفة لتغطية حاجات بيت المال، تعين الواجب في حق تلك الطائفة، ولا يجوز لمن عينهم الإمام لهذه المهمة رفض أمره؛ لأن التزام أوامر الإمام ونواهيه - ما دامت في حدود الشرع- أمر مطلوب. فكما أن حكم الإمام نافذ في المكلف لو عينه للجهاد مثلا، فمن باب أولى أن يكون حكمه نافذا في ماله. كما أن في أخذ الأموال من الموسرين درءا لدولة الإسلام، وحفظا لأهله، ورعاية للأموال نفسها [1] . [ ص: 148 ]

                التالي السابق


                الخدمات العلمية