الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25100 ( والإبراء عن الدين ) لأنه تمليك من وجه [ ص: 245 ] إلا إذا كان الشرط متعارفا أو علقه بأمر كائن كإن أعطيته شريكي فقد أبرأتك وقد أعطاه صح وكذا بموته ويكون وصية ولو لوارثه [ ص: 246 ] على ما بحثه في النهر
( قوله والإبراء عن الدين ) بأن nindex.php?page=treesubj&link=25100قال أبرأتك عن ديني على أن تخدمني شهرا أو إن قدم فلان عيني . وفي العزمية عن إيضاح الكرماني بأن nindex.php?page=treesubj&link=25109قال أبرأت ذمتك بشرط أن لي الخيار في رد الإبراء وتصحيحه في أي وقت شئت ، أو قال إن دخلت الدار فقد أبرأتك أو قال لمديونه أو كفيله إذا أديت إلي كذا أو متى أديت أو إن أديت إلي خمسمائة فأنت بريء عن الباقي فهو باطل ولا إبراء ا هـ وذكر في البحر صحة nindex.php?page=treesubj&link=25100الإبراء عن الكفالة إذا علقه بشرط ملائم كإن وافيت به غدا فأنت بريء فوافاه به برئ من المال ، وهو قول البعض . وفي الفتح أنه الأوجه لأنه إسقاط لا تمليك بحر وسيأتي تمام الكلام عليه في بابها ( قوله لأنه تمليك من وجه ) حتى يرتد بالرد وإن كان فيه معنى الإسقاط فيكون معتبرا [ ص: 245 ] بالتمليكات فلا يجوز تعليقه بالشرط بحر عن العيني . وفيه أن الإبراء عن الدين ليس من مبادلة المال بالمال ، فينبغي أن لا يبطل بالشرط الفاسد ، وكونه معتبرا بالتمليكات لا يدل إلا على بطلان تعليقه بالشرط ولذلك فرعه عليه ، وعلى هذا فينبغي أن يذكر في القسم الآتي ، هذا ما ظهر لي فتأمله ح وهكذا قال في البحر إن الإبراء يصح تقييده بالشرط ، وعليه فروع كثيرة مذكورة في آخر كتاب الصلح ، وذكر الزيلعي .
هناك أن الإبراء يصح تقييده لا تعليقه ا هـ وأوضحناه فيما علقناه على البحر ، لكن لا بد أن يكون الشرط متعارفا كما يأتي ، والحاصل أن الإبراء مفرع على القاعدة الثانية فقط فلذا ذكره هنا فافهم . ومن فروعه ما في البحر عن المبسوط : لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال للخصم إن حلفت فأنت بريء فهذا باطل لأنه تعليق البراءة بخطر وهي لا تحتمل التعليق ا هـ ويصح تفريع الإبراء على القاعدة الأولى أيضا إذا كان الشرط غير متعارف ، ومنه ما نقلناه عن العزمية فافهم ( قوله إلا إذا كان الشرط متعارفا ) كما لو nindex.php?page=treesubj&link=25100أبرأته مطلقته بشرط الإمهار فيصح لأنه شرط متعارف ، nindex.php?page=treesubj&link=25100وتعليق الإبراء بشرط متعارف جائز ، فإن قبل الإمهار وهم ، بأن يمهرها فأبت ولم تزوج نفسها منه لا يبرأ لفوات الإمهار الصحيح ; ولو nindex.php?page=treesubj&link=25100أبرأته المبتوتة بشرط تجديد النكاح بمهر ومهر مثلها مائة ، فلو جدد لها نكاحا بدينار فأبت لا يبرأ بدون الشرط . nindex.php?page=treesubj&link=25100قالت المسرحة لزوجها : تزوجني فقال هبي لي المهر الذي لك علي فأتزوجك ، فأبرأته مطلقا غير معلق بشرط التزوج يبرأ إذا تزوجها وإلا فلا لأنه إبراء معلق دلالة ، وقيل لا يبرأ ، وإن تزوجها لأنه رشوة بحر عن القنية ، ومنه يعلم أن التعليق يكون بالدلالة ، ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة فليحفظ ذلك رملي ، والمراد بالتعليق المذكور التقييد بالشرط بقرينة الأمثلة المذكورة .
( قوله أو علقه بأمر كائن إلخ ) منه ما في جامع الفصولين لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال لغريمه إن كان لي عليك دين فقد أبرأتك وله عليه دين برئ لأنه علقه بشرط كائن فتنجز ا هـ ( قوله كإن أعطيته شريكي إلخ ) هذا ذكره في الدرر بألفاظ فارسية وفسره الواني بذلك : والظاهر أن المراد بالبراءة هنا براءة الإسقاط فيرد عليه ما قبضه شريكه إلا أن يكون المراد الإبراء عن باقي الدين .
مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت بريء
( قوله وكذا بموته إلخ ) في الخانية : لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قال لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين جاز ويكون وصية ، ولو قال : إن مت أي بفتح التاء لا يبرأ وهو مخاطرة كإن دخلت الدار فأنت بريء لا يبرأ ا هـ . وفيها : لو nindex.php?page=treesubj&link=25100قالت المريضة لزوجها إن مت من مرضي هذا فمهري عليك صدقة أو أنت في حل منه فماتت فيه فمهرها عليه لأن هذه مخاطرة فلا تصح ا هـ . [ ص: 246 ] قلت : والفرق بين هذه المسائل مشكل فإن الموت في الأوليين محقق الوجود ، فإن كان المراد بالمخاطرة هو الموت مع بقاء الدين فهو موجود في المسألتين ، ولعل الفرق أن تعليقه بموت نفسه أمكن تصحيحه على أنه وصية nindex.php?page=treesubj&link=23288وتعليق الوصية صحيح كما سيأتي حتى تصح من العبد بقوله إذا عتقت فثلث مالي وصية كما في وصايا الزيلعي ، بخلاف تعليقه بموت المديون فإنه لا يمكن جعله وصية فبقي محض إبراء ولا يعلم أنه هل يبقى الدين إلى موته فكان مخاطرة فلم يصح ، وكذلك مسألة المهر فيها مخاطرة من حيث تعليق الإبراء على موتها من ذلك المرض فإنه لا يعلم هل يكون أو لا ، لكن علمت أن الوصية يصح تعليقها بالشرط ، فإن قيد بما ليس فيه مخاطرة يلزم أن لا تصح هذه الوصية لو كانت لأجنبي مع أن حقيقة الوصية تمليك مضاف لما بعد الموت ويصح تعليقها بالعتق كما علمت ، وإن كانت المخاطرة من حيث إنه لا يعلم هل تجيز الورثة ذلك أو لا أو هل يكون أجنبيا عنها وقت الموت حتى تصح الوصية أو لا لم يبق فائدة لقولها من مرضي هذا ، ويلزم منه صحة التعليق إذا قالت إن مت بدون قولها من مرضي هذا ويحتاج إلى نقل في المسألة ( قوله على ما بحثه في النهر ) حيث قال بعد مسألة المهر السابقة ، وينبغي أنه إن أجازته الورثة يصح لأن المانع من صحة الوصية كونه وارثا ا هـ . وفيه أن المانع كونه مخاطرة كما صرح به في عبارة الخانية ط