الوجه الخامس: أن هذا الفرض هب أنه ممكن أو يقدر تقديرا. فلم قيل إن ما يكون متيامنا عن العالم أو متياسرا ولو كان غير الله يكون فوقه شيء؟! يقال: هذا تخليط. فقولك: " الجهة التي في جهة العلو" يقتضي شيئين: أحدهما في الآخر. وقولك: " لا يمكن فرض وجودها". يقتضي أنها شيء موجود. وقولك: " خالية عن العالم" يقتضي أن فوق العالم شيء غير الله وهو موجود موصوف في العلو، وهذا باطل بل كفر بإجماع المسلمين فإن الله خالق كل شيء [ ص: 168 ] والعالم اسم لكل موجود سوى الله تعالى، فلو كان فوقه شيء موجود غير الله لكان ثم موجود غير الله لم يخلقه الله، بل هو مستغن عن الله، لا سيما وقد جعلت الله محتاجا إليه، وهذا لا يقوله عاقل فضلا عن أن يقوله مسلم. وقد تقدم الكلام على هذا بأبسط من هذا لما ذكر أن الله يحتاج إلى حيز في الأدلة العقلية، ولما ذكر أن الحيز منها في الأدلة السمعية، وفي غير ذلك. قوله: " لأن تلك الجهة التي في جهة العلو لا يمكن فرض وجودها خالية عن هذا العلو"