الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الثالث والثلاثون: أنك قد ذكرت أن مستند هذا الإلف هو اعتقاد الدعاة أن الحي العليم القادر لا يكون إلا جسما، ومعلوم أن هذا بلفظه قول طوائف كثيرة من أهل الكلام من الشيعة والكرامية وغيرهم، وأما بمعناه فالمؤسس وغيره يقول: إن هذا قول من قال: إن الله فوق العرش. أو أنه يشار إليه [ ص: 616 ] في الدعاء. ومعلوم أن القول بكون الله فوق العرش أو أنه يشار إليه بالأيدي في الدعاء قول سلف الأمة وأئمتها وعامتها. وإذا كان هؤلاء كلهم يقولون بالمعنى الذي سميته تجسيما لم يضر القول بذلك، ولم يجز رده إلا بحجة، وأنت لم تذكر في جواب هذه الحجة ما يصلح أن يكون جوابا.

وقد قدمنا في الوجه الذي قبل هذا أن الإشارة إلى الله في الدعاء إن استلزم اعتقاد الداعي أن الله جسم فقد ثبت أن هذا قول من قوله حجة وإلا بطلت حكايته. وأما هنا فإن كون الحي القادر لا يكون إلا بائنا عن غيره بالجهة له حد يتميز به عن غيره، وهو معنى كونه جسما عنده، وهذا المعنى ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها، وإن تنوعت ألفاظهم فيه، فكلها متوافقة متطابقة. وبالجملة فلا يمكنه أن ينازع أن هذا قول خلق كثير من أهل الحديث والفقه والتصوف والكلام، فلا بد من دليل إبطاله. فإن قال: دليل إبطاله ما ذكره من نفي كون الله جسما. قيل: قدمنا ما يتبين معه فساد تلك الأدلة.

ثم يقال: هذا لا يصلح أن يكون جوابا لما تذكره.

التالي السابق


الخدمات العلمية