الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
يظهر بالوجه السادس: وهو أنه يقال: إنك استدللت بموافقة الخصم لك على أنه لا يوصف بالتحتية، على أنه لا يوصف بالفوقية؛ فذكرت أن وصفه بالفوقية أو بغيرها يستلزم أن يكون موصوفا بالتحتية، فإن جميع ما يوصف بالفوقية من الموجودات كالسموات والكواكب وغيرها يجب أن يوصف بهذه التحتية التي ذكرتها لما ذكرته من الحجة؛ ثم قلت: والتحتية متفق على انتفائها فيجب نفي ملزومها وهو الوصف بالفوقية.

فيقال لك: إذا كان كل ما وصف بالفوقية فلا بد من وصفه بهذا المعنى كان هذا لازما لكل ما هو فوق وعال ولم يكن ذلك [ ص: 50 ] محذورا، فنحن نلتزم هذا المعنى الذي هو لازم لكل ما يوصف بالفوق وهذا خير من أن لا يوصف لا بفوقية ولا غيرها، فإن ذلك يستلزم عدمه، لأن ما لا يكون فوق شيء أصلا ولا في شيء من جهاته الست ولا داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه: لا يكون إلا معدوما. فثبوت هذا المعنى الذي ذكرته إن سلم أن فيه تحتية تجامع الفوقية الحقيقية خير من سلب الفوقية وسائر المعاني السلبية المستلزمة لعدمه، فإنك نزهته مما ادعيت أنه تحتية لتنفي بذلك ما يستحقه من الفوقية، وذلك يستلزم عدمه بالكلية. فما في قولك من النقص والعيب الذي يجب تنزيه الله تعالى عنه أعظم مما ادعيته في قول مخالفك.

التالي السابق


الخدمات العلمية