الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن قيل: إن إضافة العرش إليه كإضافة البيت إليه، وهو لم يجعله ليسكنه، فكذلك لم يجعل العرش للكينونة والاستواء عليه، قيل: إن العرش لا يشبه البيت فيما ذكرتموه، وذلك لأن البيوت تتخذ غرفا، وعادة لتكون وقاية من الحر أو البرد وما أشبههما من وجوه الأذى، والله متعال عن هذه الصفات، والعرش والسرير إنما يتخذ ليتمجد ويستكبر بهما، فقياسكم للجمع بين الاثنين قياس فساد".

[ ص: 495 ] وقال القاضي أبو يعلى في كتاب " إبطال التأويلات لأخبار الصفات " لما تكلم على حديث العباس قال: " فإذا ثبت أنه على العرش، فالعرش في جهة وهو على عرشه".

قال: وقد منعنا في كتابنا هذا في غير موضع إطلاق الجهة عليه، والصواب جواز القول بذلك لأن أحمد قد أثبت هذه الصفة التي هي الاستواء على العرش، وأثبت أنه في السماء، وكل من أثبت هذا أثبت الجهة، وهم أصحاب ابن كرام وابن [ ص: 496 ] منده الأصبهاني المحدث، والدلالة عليه أن العرش في جهة بلا خلاف، فقد ثبت بنص القرآن أنه مستو عليه، فاقتضى أنه في جهة، ولأن كل عاقل من مسلم وكافر إذا دعا فإنما يرفع يديه ووجهه إلى نحو السماء، وفي هذا كفاية، ولأن من نفى الجهة من المعتزلة والأشعرية يقول: ليس هو في جهة ولا خارجا منها، وقائل هذا بمثابة من قال بإثبات موجود مع وجود غيره، ولا يكون وجود أحدهما قبل وجود الآخر ولا بعده، ولأن العوام لا يفرقون بين قول القائل: طلبته فلم أجده في موضع ما، وبين قوله: طلبته فإذا هو معدوم.

قال: وقد احتج ابن منده على إثبات الجهة، بأنه لما نطق القرآن بأن الله على العرش وأنه في السماء، وجاءت السنة بمثل ذلك، وبأن الجنة مسكنه، وأنه في ذلك، وهذه الأشياء أمكنة في [ ص: 497 ] نفسها، فدل على أنه في مكان".

التالي السابق


الخدمات العلمية