الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فهذا الذي أبديته يقولون: إنه لا يوجب أن لا يكون تحت شيء من الأشياء بوجه. ولا يخلو؛ إما أن تسلم ذلك أو تمنعه، فإن منعت ذلك وقلت بل هذا يستلزم أن يكون تحت بعض [ ص: 47 ] الأشياء مع كونه فوق العرش منعك المقدمة الجدلية وقالوا: لا نسلم أنه حينئذ لا يوصف بما لا ينافي علوه من التحتية الإضافية التقديرية. وإن قلت إن هذا لا يوجب تحتية حقيقية ولا إضافية موجودة، وإنما يوجب تحتية إضافية تقديرية فهذا لا يضر فإن الحكم المقدر معلق بشرط، والحكم المعلق بشرط معدوم بعدمه، كما في الحديث: " لو أدلى أحدكم دلوه لهبط على الله " ومن المعلوم أن إدلاء شيء إلى تلك الناحية ممتنع، فهبوط شيء على الله ممتنع. فكون الله تحت شيء ممتنع. وإنما الغرض بهذا التقدير الممتنع بيان إحاطته من جميع الجهات، وهذا توكيد لكونه فوق السماوات على العرش لا مناف لذلك.

وهذا الكلام مع أنه في غاية الإنصاف في المناظرة ففيه [ ص: 48 ] كمال تحقيق الحقائق على ما هي عليه وتبيين تطابق ما علم بالفطرة العقلية الضرورية وبالحساب العقلي الهندسي وما جاءت به الرسل وكمال ما بعث الله به رسله من بيان أسمائه وصفاته وهذا هو شأن الحق أن يتيقن ويتشابه ولا يختلف كما يختلف كلام هذا المؤسس وأمثاله الذي هو من عند غير الله فلذلك يكون فيه اختلاف كثير.

ومما يوضح ذلك أن المنازع له قد علم علما يقينا بالشرع والعقل أن الله فوق العرش، فكل قول نافى ذلك هو باطل، فنحن نزهناه عن الوصف بالتحتية لأنه ينافي ذلك، ولما فيه من النقص.

التالي السابق


الخدمات العلمية