الوجه الرابع عشر: أن إما أن يكون واجبا له أو لا يكون، فإن كان واجبا له فأنتم معاشر كونه موصوفا بعلو ذاته على العالم الجهمية من أعظم الناس سلبا لهذا الواجب عنه، [ ص: 180 ] وتقولون: إن علوه إنما هو بالقدرة فقط. فإن الذي يقول إنه تارة يكون عاليا بذاته على العالم، وتارة يكون غير عال. بل إما متيامنا متياسرا أو غير ذلك مع كونه عاليا بالقدرة التي أثبتموها في الحالين، هو أعظم وصفا لله بصفة الكمال منكم، حيث أثبت له العلو الذي أثبتموه وزاد عليكم بأن أثبت له من العلو الذي هو كمال ما لم تثبتوه أنتم، ثم هو مع هذا إذا وصفه وزاد عليكم بأن أثبت له من الذي هو كمال ما لم تثبتوه أنتم، ثم هو مع هذا إذا وصفه بما يقتضي أن يكون علو الجهة أكمل منه مثل تجويز عدم العلو عليه بعض الأوقات هو أحسن حالا منكم حيث سلبتموه هذا العلو الذي هو كمال.
فمن أثبته له ولو لم يجعله أكمل فيه من غيره هو أحسن حالا منكم فليس لكم أن تبطلوا قوله بتصحيح قولكم، فإن كان علو ذاته على العالم ليس بصفة الكمال لم يصح أن يقال: علو الجهة أكمل من علوه، لأن التفضيل في الكمال يقتضي الاشتراك [ ص: 181 ] فيه. فإذا كان كل واحد من علو ذاته على العالم، ومن علو الجهة على العالم ليس هو صفة كمال لم يكن أحدهما أكمل من الآخر، فبطلت هذه الحجة، وظهر أن هذه الحجة باطلة على التقديرين ولله الحمد.