الوجه السابع أن يقال: وصف الشيء بأنه واحد، وبأنه أكثر من واحد: إما أن يستلزم كونه موجودا أو لا يستلزم كونه موجودا فإن استلزم كونه موجودا لزم من هذا التقسيم أن يكون وجوديا، وأنت قد ذكرت في تمام الحجة أنه ليس بوجودي وإن كان الوصف بأنه وجودي. وإن كان الوصف بأنه واحد وبأكثر من [ ص: 218 ] واحد لا يستلزم أنه موجود بطل ما ذكره فيما تقدم حكايته عنه من أن الجسم منقسم ليس بواحد، فإنه بنى ذلك على أن الوحدة صفة قائمة بالجسم، قال: والعرض لا يحدث في المحل ولا يحصل فيه إلا إذا كان المحل متعينا متميزا عن غيره، فإنه إذا ثبت أن كون الموصوف واحدا أو أكثر لا يستلزم أن يكون موجودا، لم يلزم أن تكون الوحدة والكثرة صفة وجودية، فإن المعدوم لا يوصف بالصفة الوجودية، فإذا لم يجب أن تكون الوحدة وجودية لم يجب أن تقوم بالجسم، ولا أن يكون عرضا فلا يمتنع أن يكون الجسم واحدا، وحينئذ فإذا لم يلزم من حلول الجسم في الحيز أن يكون الحيز متعددا منقسما في نفسه لم يلزم من حلول الرب في الحيز أن يكون منقسما، وجاز حلوله في الحيز الذي لا يقال إنه أكثر من واحد ولا يكون أقل القليل ولا يكون جوهرا فردا. وإذا كان الجسم واحدا مع عظمته ولم يكن فيه كثرة وجودية لم يصح أن يستدل بحلوله في الحيز على انقسام الحيز وتعدده،
وبالجملة فإذا لم يكن الجسم مشتملا على كثرة مع كونه في الحيز، فالباري أولى أن يكون كذلك وحيزه أولى بذلك، وهو يبطل ما ذكره.