الوجه الرابع عشر: أنه قد تقدم غير مرة أن هذا الانقسام أكثر ما يراد به امتياز بعضه عن بعض، وبينا أن هذا مثل امتياز الصفات وبينا أن هذا مما يجب أن يقر به كل أحد في كل موجود وأن نفي هذا يستلزم جحد الموجودات جميعها الواجب والممكن، وبينا أن ما يذكر في ذلك من الافتقار [ ص: 227 ] والغير والحيز فهي ألفاظ مجملة مشتركة مشتبهة يراد بها حق وباطل، فيجب أن ينفي ما فيها من الباطل دون الحق الذي يريده بعض الناس بهذه الألفاظ، وقد تقدم بسط ذلك بما يغني عن إعادته وهو أحال على ما تقدم فأحلنا أيضا عليه.
الوجه الخامس عشر: أن المنازع يقول له: قولك: " إنه يكون أقل القليل ويتعالى الله عنه". يقال: لا نسلم أن ما هو حيز واحد لا يتسع إلا مقدار الجوهر الفرد بل يكون واحدا وهو عظيم، وهذا في الحيز أولى منه في الجسم، فإذا كان قد قال [ ص: 228 ] طوائف: إن الجسم يكون عظيما ويكون واحدا، فالحيز أولى، وأيضا فمن قال: إنه فوق العرش وهو عظيم وليس بجسم أو هو جسم وليس بمركب، فإنه يقول بثبوت حيز واحد عظيم. هب أنه في حيز واحد فلم قلت: إن ذلك محال؟!