الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الحادي والعشرون: قولك: " وإن لم تمكن الإشارة [ ص: 234 ] الحسية إلى الحيز الذي حصل فيه الباري وجب استحالة الإشارة إلى الباري لأنا نعلم بالضرورة أن ما لا تمكن الإشارة الحسية إلى جهته استحالت الإشارة الحسية إليه، فإذا لا يكون الباري في الجهة".

يقال لك: الضروري بأن ما لا يشار إلى جهته لا يشار إليه ليس بأعظم من أن ما لا يشار إليه لا يشار إلى جهته. ثم كثير من الناس وأنت من هؤلاء في كثير من المواضع يقولون ذلك مثل العلم الضروري بأن ما يشار إليه وإلى جهته لا يكون إلا جسما، وكثير من الناس بل أكثرهم يقولون: إن ذلك مثل العلم الضروري بأن ما لا يشار إليه ولا إلى جهته ولا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، بل المقرون بأن هذا علم ضروري أعظم من المقرين بذلك.

وإذا كان كذلك فإن نازعتهم في هذا العلم الضروري لم يكن عليهم أن يسلموا لك ذلك العلم الضروري الذي يلزمهم بتسليمه نفي هذا العلم الضروري، لأن تسليم العلم الضروري الذي يستلزم نفي علم ضروري تسليم لتنافي العلمين الضروريين، وذلك باطل فلا يجب تسليم الباطل وإن لم [ ص: 235 ] تنازعهم في هذا العلم الضروري لم يكن ما ذكرته حجة عليهم، فإنه إذا سلم أنه فوق العالم وأنه يمتنع أن يكون لا داخل العالم ولا خارجه حصل المطلوب.

التالي السابق


الخدمات العلمية