قيل: إن العرش لا يشبه البيت فيما ذكرتموه، وذلك لأن البيوت تتخذ غرفا، وعادة لتكون وقاية من الحر أو البرد وما أشبههما من وجوه الأذى، والله متعال عن هذه الصفات، والعرش والسرير إنما يتخذ ليتمجد ويستكبر بهما، فقياسكم للجمع بين الاثنين قياس فساد". فإن قيل: إن إضافة العرش إليه كإضافة البيت إليه، وهو لم يجعله ليسكنه، فكذلك لم يجعل العرش للكينونة والاستواء عليه،
[ ص: 495 ] وقال في كتاب " إبطال التأويلات لأخبار الصفات " لما تكلم على حديث القاضي أبو يعلى قال: " فإذا ثبت أنه على العرش، فالعرش في جهة وهو على عرشه". العباس
قال: وقد منعنا في كتابنا هذا في غير موضع إطلاق الجهة عليه، والصواب جواز القول بذلك لأن قد أثبت هذه الصفة التي هي الاستواء على العرش، وأثبت أنه في السماء، وكل من أثبت هذا أثبت الجهة، وهم أصحاب أحمد ابن كرام المحدث، والدلالة عليه أن العرش في جهة بلا خلاف، فقد ثبت بنص القرآن أنه مستو عليه، فاقتضى أنه في جهة، ولأن كل عاقل من مسلم وكافر إذا دعا فإنما يرفع يديه ووجهه إلى نحو السماء، وفي هذا كفاية، ولأن وابن [ ص: 496 ] منده الأصبهاني المعتزلة والأشعرية يقول: ليس هو في جهة ولا خارجا منها، وقائل هذا بمثابة من قال بإثبات موجود مع وجود غيره، ولا يكون وجود أحدهما قبل وجود الآخر ولا بعده، ولأن العوام لا يفرقون بين قول القائل: طلبته فلم أجده في موضع ما، وبين قوله: طلبته فإذا هو معدوم. من نفى الجهة من
قال: وقد احتج على إثبات الجهة، بأنه لما نطق القرآن بأن الله على العرش وأنه في السماء، وجاءت السنة بمثل ذلك، وبأن الجنة مسكنه، وأنه في ذلك، وهذه الأشياء أمكنة في [ ص: 497 ] نفسها، فدل على أنه في مكان". ابن منده