الوجه السابع والعشرون: أن يقال: لو كان ما ذكرته في [ ص: 610 ] المشبه به لم يكن ما ذكرته من المشبه نظيرا له، فإن الذي يقدر على ما لا يقدر عليه بنو آدم، مثل إنزال المطر، وإنبات النبات، وتسكين الريح إذا هاجت في البحر، وغير ذلك مما يطلب من الله، فقد علموا أن الحي العالم القادر الذي هو رب العالمين، الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته، حتى إذا أقلت سحابا ثقالا ساقه لبلد ميت، وأنزل به الماء، فخرج به من كل الثمرات ليس من جنس ما يعهدونه من بني آدم، بل المطلوب منه ما لا يقدر عليه هؤلاء، وأيضا فكثير منهم قد لا يتصور أن كلا منهما حي قادر عالم، ولا يتمثل في نفسه قدرا مشتركا بينهما. فكيف يجوز أن يحكي عن بني آدم من الأولين والآخرين أنهم قاسوا الله على ما شاهدوه من الآدميين. الخلق الذين يدعون الله ويقرون بأنه حي قادر عالم، إنما يدعون من يعتقدون أنه رب العالمين،