باب ذكر الحوادث الكائنة في زمان نبينا 
ذكر ما جرى في السنة الأولى من زمان النبوة: 
قال مؤلف الكتاب : لما تمت له صلى الله عليه وسلم أربعون سنة ، ودخل في سنة إحدى وأربعين يوم واحد أوحى الله عز وجل  إليه وذلك في سنة عشرين من ملك  [كسرى] أبرويز ،  وكان قد حبب إليه الخلوة ، وكان ينفرد في جبل حراء  يتعبد . 
أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزاز  قال: أخبرنا أحمد بن معروف  قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة  قال: حدثنا محمد بن سعد  قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب  قال: حدثنا  سليمان بن بلال ،  وأخبرنا معن ،  عن  مالك بن أنس  جميعا ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن  أنه سمع  أنس بن مالك  يقول : 
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين سنة  . 
أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ  قال: أخبرنا عاصم بن الحسن  قال: أخبرنا محمد بن أحمد البراء  قال:  [ ص: 348 ] 
بعث الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم وله يومئذ أربعون سنة  ويوم ، فأتاه جبريل  عليه السلام ليلة السبت وليلة الأحد ، ثم ظهر له بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان بحراء ،  وهو أول موضع نزل فيه القرآن  به نزل: اقرأ باسم ربك الذي خلق  خلق الإنسان من علق  اقرأ وربك الأكرم  الذي علم بالقلم  علم الإنسان ما لم يعلم  فقط . 
ثم فحص بعقبه الأرض ، فنبع منها ماء فعلمه الوضوء والصلاة . ركعتين . 
وروى أبو قتادة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن صوم يوم الاثنين ، فقال: "ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت فيه" . قال مؤلف الكتاب : واختلفوا أي الاثنين كان على أربعة أقوال : 
أحدها: لسبع عشرة [خلت] من رمضان ، وقد ذكرناه عن ابن البراء .  
وأخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر  قال: أخبرنا الجوهري  قال: أخبرنا  ابن حيويه  قال: 
أخبرنا الحارث  قال: أخبرنا ابن سعد  قال: أخبرنا  الواقدي  قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ،  عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة  ، عن أبي جعفر  قال: 
نزل الملك على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء  يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان .  [ ص: 349 ] 
والقول الثاني: أن القرآن نزل لأربع وعشرين ليلة خلت من رمضان . رواه  قتادة  عن أبي الجلد .  
والثالث: لثمان عشرة خلت من رمضان . رواه أيوب ،  عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي .  
[والقول] الرابع: أنه كان في رجب . 
أخبرنا سعد الخير بن محمد الأنصاري  قال: أخبرنا عبد الله بن علي الأبنوسي  قال: أخبرنا عبد الملك بن عمر الرزاز  قال: أخبرنا  أبو حفص بن شاهين  قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله البزار  قال: أخبرنا علي بن سعيد الرقي  قال: أخبرنا ضمرة بن أبي شوذب ،  عن مطر الوراق  عن  شهر بن حوشب ،  عن  أبي هريرة  قال : 
من صام يوم سبعة وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا ، وهو اليوم الذي نزل فيه جبريل  على النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة أول يوم هبط فيه . 
أخبرنا  ابن الحصين  قال: أخبرنا  أبو علي بن المذهب  قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك  قال: حدثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  قال: حدثني أبي قال: أخبرنا  عبد الرزاق  قال: أخبرنا  معمر ،  عن  الزهري  قال: أخبرني عروة ،  عن  عائشة  أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة ،  فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، وكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده بمثلها حتى فجأه الحق ، وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ . قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال: اقرأ . فقلت: 
ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال: [اقرأ ،  [ ص: 350 ] فقلت: ما أنا بقارئ . فأخذني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال:] اقرأ باسم ربك الذي خلق  خلق الإنسان  حتى بلغ ما لم يعلم  فرجع بها ترجف بوادره ، حتى دخل على خديجة فقال: "زملوني زملوني" فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال: "يا خديجة ما لي" وأخبرها الخبر [ ، قال: قد خشيت على نفسي] فقالت له: كلا أبشر ، فو الله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، ثم انطلقت [به] خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وهو ابن عم خديجة ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة: أي ابن عم ، اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة: يا بن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له ورقة: 
هذا الناموس [الأكبر] الذي نزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو مخرجي هم؟" قال: نعم لم يأت رجل [قط] بمثل ما جئت به إلا عودي ، فإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي  . 
وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم  فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس [شواهق] الجبال فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل عليه السلام فقال له: يا محمد ، إنك لرسول الله حقا . فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا بمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة تبدى له جبريل  فقال مثل ذلك .  [ ص: 351 ] 
أخبرنا عبد الأول بن عيسى  قال: أخبرنا أبو المظفر  قال: أخبرنا ابن أعين  قال: 
أخبرنا  الفربري  قال: حدثنا  البخاري  قاله: حدثنا يحيى بن بكر  قال: أخبرنا الليث ،  عن عقيل ،  عن  ابن شهاب  قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ،  عن  جابر بن عبد الله  قال: 
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه: فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء [جالس] على كرسي بين السماء والأرض فجثيت منه رعبا ، فرجعت فقلت: زملوني [زملوني] فدثروني فأنزل الله عز وجل يا أيها المدثر   74: 1 . قال مؤلف الكتاب : هذا حديث متفق على صحته ، والذي قبله . 
وقد روى  ابن إسحاق ،  عن إسماعيل بن أبي حكيم مولى الزبير  أنه حدث عن  خديجة  أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما يثبته فيما أكرمه الله عز وجل به من نبوته - يا بن عم ، أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: نعم . قالت: فإذا جاءك فأخبرني به ، فجاءه جبريل فقال: يا خديجة ، هذا جبريل . قالت: فقم فاجلس  [ ص: 352 ] على فخذي اليسرى فقام فجلس فقالت: هل تراه؟ قال: نعم قالت: فتحول إلى فخذي اليمنى فتحول فقالت: هل تراه؟ قال نعم . [قالت: فتحول فاجلس في حجري . فجلس فقالت: هل تراه؟ قال: نعم ، ] فألقت خمارها وقالت: هل تراه؟ 
قال: لا . قالت: يا بن عم اثبت وأبشر ، فو الله إنه لملك وما هو بشيطان  . 
أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي البزاز  قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري  قال: أخبرنا  أبو عمر بن حيويه  قال: أخبرنا أحمد بن معروف  قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة  قال: حدثنا محمد بن سعد  قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: 
أخبرنا  حماد بن سلمة  قال: حدثنا علي بن زيد:  
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالحجون وهو مكتئب  حزين ، فقال: "اللهم أرني [اليوم] آية لا أبالي من كذبني بعدها من قومي" فإذا شجرة من قبل عقبة المدينة فناداها فجاءت تشق الأرض حتى انتهت إليه ، فسلمت عليه ، ثم أمرها فرجعت . فقال: 
"ما أبالي من كذبني بعدها من قومي"  . 
أخبرنا علي بن عبد العزيز السماك  قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن محمد بن الطيب  قال: أخبرنا عثمان بن يوسف العلاف   : أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد  قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد  قال: حدثني عبيد الله بن محمد  وأبو ربيعة  وداود بن شبيب  قالوا: أخبرنا  حماد بن زيد ،  عن علي بن زيد بن رافع ،  عن  عمر  رضي الله عنه قال: 
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون فقال: اللهم أرني آية لا أبالي من كذبني بعدها من  [ ص: 353 ] قريش  فقيل له: ادع هذه الشجرة فدعاها فأقبلت تجر عروقها تقطعها ، ثم أقبلت تجز الأرض [حتى] وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت: ما تشاء؟ ما تريد؟ 
قال: "ارجعي إلى مكانك" فرجعت إلى مكانها ، فقال: "والله ما أبالي من كذبني من قريش"  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					