قال تعالى : ( وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ( 147 ) ) .
قوله تعالى : ( وما كان قولهم ) : الجمهور على فتح اللام على أن اسم كان ما بعد " إلا " وهو أقوى من أن يجعل خبرا ، والأول اسما ; لوجهين : أحدهما : أن ( أن قالوا ) : يشبه المضمر في أنه لا يضمر فهو أعرف .
[ ص: 238 ] والثاني : أن ما بعد إلا مثبت ، والمعنى : كان قولهم ربنا اغفر لنا دأبهم في الدعاء . ويقرأ برفع الأول على أنه اسم كان ، وما بعد إلا الخبر . ( في أمرنا ) : يتعلق بالمصدر ، وهو إسرافنا ، ويجوز أن يكون حالا منه ; أي إسرافا واقعا في أمرنا .
قال تعالى : ( بل الله مولاكم وهو خير الناصرين ( 150 ) ) .
قوله تعالى : ( بل الله مولاكم ) : مبتدأ وخبر ، وأجاز الفراء النصب ، وهي قراءة ، والتقدير : بل أطيعوا الله .
قال تعالى : ( ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ( 151 ) ) .
قوله تعالى : ( الرعب ) : يقرأ بسكون العين وضمها ، وهما لغتان . ( بما أشركوا ) : الباء تتعلق بنلقي ، ولا يمنع ذلك لتعلق " في " به أيضا ; لأن في ظرف ، والباء بمعنى السبب ، فهما مختلفان ، وما مصدرية ، والثانية نكرة موصوفة ، أو بمعنى الذي ، وليست مصدرية . ( وبئس مثوى الظالمين ) : أي النار ، فالمخصوص بالذم محذوف ، والمثوى مفعل من ثويت ، ولامه ياء .
قال تعالى : ( إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين ولقد صدقكم الله وعده ( 152 ) ) .
قوله تعالى : ( صدقكم الله وعده ) : صدق يتعدى إلى مفعولين في مثل هذا النحو ، وقد يتعدى إلى الثاني بحرف الجر . فيقال صدقت زيدا في الحديث : ( إذ ) : ظرف لصدق ، ويجوز أن يكون ظرفا للوعد . ( حتى ) : يتعلق بفعل محذوف تقديره : دام ذلك إلى وقت فشلكم ، والصحيح أنها لا تتعلق في مثل هذا بشيء ، وأنها ليست حرف جر ، بل هي حرف تدخل على الجملة بمعنى الغاية ، كما تدخل الفاء والواو على الجمل . وجواب " إذا " محذوف تقديره : بان أمركم .
ونحو ذلك ، ودل على المحذوف قوله تعالى : ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) . ( ثم صرفكم ) : معطوف على الفعل المحذوف .
قال تعالى : ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم ( 153 ) ) .
[ ص: 239 ] قوله تعالى : ( إذ تصعدون ) : تقديره : اذكروا إذ ، ويجوز أن يكون ظرفا لعصيتم ، أو تنازعتم ، أو فشلتم . ( ولا تلوون ) : الجمهور على فتح التاء ، وقد ذكرناه في قوله : ( يلوون ألسنتهم ) [ آل عمران : 78 ] ويقرأ بضم التاء ، وماضيه ألوى ، وهي لغة ، ويقرأ : ( على أحد ) بضمتين ، وهو الجبل .
قوله تعالى : ( والرسول يدعوكم ) : جملة في موضع الحال . ( بغم ) : التقدير : بعد غم ; فعلى هذا يكون في موضع نصب صفة لغم ، وقيل : المعنى بسبب الغم ، فيكون مفعولا به ، وقيل : التقدير : بدل غم فيكون صفة لغم أيضا .
( لكيلا تحزنوا ) : قيل : " لا " زائدة ; لأن المعنى أنه غمهم ليحزنهم عقوبة لهم على تركهم مواقفهم . وقيل : ليست زائدة ; والمعنى على نفي الحزن عنهم بالتوبة . وكي هاهنا هي العاملة بنفسها لأجل اللام قبلها .