الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 57 ] قال تعالى : ( ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون ) ( ( 52 ) ) .

قوله تعالى : ( لعلكم ) : اللام الأولى أصل عند جماعة ; وإنما تحذف تخفيفا في قولك : علك ، وقيل هي زائدة ، والأصل علك ، ولعل حرف ، والحذف تصرف ، والحرف بعيد منه .

قال تعالى : ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ( 53 ) ) .

قوله تعالى : ( والفرقان ) : هو في الأصل مصدر مثل الرجحان والغفران ، وقد جعل اسما للقرآن .

قال تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ( 54 ) ) .

قوله تعالى : ( لقومه ) : اللغة الجيدة أن تكسر الهاء إذا انكسر ما قبلها ، وتزاد عليها ياء في اللفظ ; لأنها خفية لا تبين كل البيان بالكسر وحده ، فإن كان قبلها ياء مثل عليه فالجيد أن تكسر الهاء من غير ياء ; لأن الهاء خفية ضعيفة ، فإذا كان قبلها ياء ، وبعدها ياء لم يقو الحاجز بين الساكنين فإن كان قبل الهاء فتحة أو ضمة ضمت ولحقتها واو في اللفظ نحو : إنه وغلامه لما ذكرنا . ( ياقوم ) : حذف ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة ، وهذا يجوز ، وهذا في النداء خاصة ; لأنه لا يلبس ، ومنهم من يثبت الياء ساكنة ، ومنهم من يفتحها ، ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها ، ومنهم من يقول يا قوم بضم الميم . ( إلى بارئكم ) : القراءة بكسر الهمزة ; لأن كسرها إعراب ، وروي عن أبي عمرو تسكينها فرارا من توالي الحركات ، وسيبويه لا يثبت هذه الرواية ، وكان يقول إن الراوي لم يضبط عن أبي عمرو ; لأن أبا عمرو اختلس الحركة ، فظن السامع أنه سكن . ( ذلكم ) : قال بعضهم الأصل ذانكم ; لأن المقدم ذكره التوبة والقتل فأوقع المفرد موقع التثنية ; لأن ذا يحتمل الجميع ، وهذا ليس بشيء ; لأن قوله فاقتلوا تفسير التوبة فهو واحد . ( فتاب عليكم ) : في الكلام حذف تقديره : ففعلتم فتاب عليكم .

قال تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ( 55 ) ) .

قوله تعالى : ( لن نؤمن لك ) : إنما قال : نؤمن لك لا بك لأن المعنى لن نؤمن لأجل قولك ، أو يكون محمولا على لن نقر لك بما ادعيته .

( جهرة ) : مصدر في موضع الحال من اسم الله ; أي نراه ظاهرا غير مستور ، [ ص: 58 ] وقيل حال من التاء والميم في قلتم ; أي قلتم ذلك مجاهرين .

وقيل هو مصدر منصوب بفعل محذوف أي جهرتم جهرة .

و ( الصاعقة ) : فاعلة بمعنى مفعلة ; يقال أصعقتهم الصاعقة فهو كقولهم أورس النبت فهو وارس ، وأعشب فهو عاشب .

التالي السابق


الخدمات العلمية